العلم لأجل الحياة

إذا أردنا النّهضة والتقدم فأول خطوةٍ في ذلك هو العلم بمفهومه الأعم ، والعلم المفيد هو الذي ينعكس أثره على حياتنا اليومية ، فليس كلّ علم نافعاً ، فبعض العلم لا يفيد ، أو تكون فائدته محدودة…
, والعلم ليس مجرد القراءة والكتابة ، فالقراءة هي طريقنا إلى المعرفة ، ولا حدود للمعرفة ، إنّما نريد المعرفة التي تقودنا إلى الأفضل في فكرنا وفي تصورنا للاختيارات وفي سلوكنا العام وفي أسلوب حياتنا فما قيمة العلم الذي لا يساعدنا على توسيع آفاق معرفتنا بالحياة ، والعلم يحتاجه المزارع والعامل والصانع والتاجر ، فالمزارع الذي يحسن القيام بخدمة أرضه ، ويستخدم الأسلوب الأفضل لزيادة إنتاجه وتحسين محصوله هو عالمٌ باختصاصه ، والآلة المنتجة تحتاج إلى عاملٍ يحسن استخدامها بطريقة سليمة فيتضاعف إنتاجه ويحافظ على جودة ما ينتجه ، والعلم تحتاجه المرأة لكي تحسن تربية أولادها وفي أداء واجبها في إدارة البيت ، فتختار الطعام المفيد للصحة وتبتعد عن العادات الخاطئة في الطعام واللباس والحياة اليومية ، ونريد العلم لا لكي نفاخر به ولا لكي نقرأ مالا يفيدنا من الحكايات والأخبار ، ليس ذلك ما نبحث عنه ، نريد العلم الذي نحتاج إليه لتحسين واقعنا وتوسيع دائرة خبرتنا ومعرفتنا بالحياة ، وأن نستفيد من تجربة السابقين ، وأن ننهض من حالة الركود وأن نبني الجديد الذي نحتاج إليه ..

نريد العلم الذي يعلّمنا أهميّة المدرسة في تكوين الأطفال للقضاء على الأميّة ، ولا شيء أسوأ من الجهل والأميّة ,ولا كرامة لمجتمع لا يقاوم الأميّة ..

نريد العلم الذي يشعرنا بأهميّة العمل وكرامة العامل ولا قيمة لثروة موروثة ، ولا يفخر عاقلٌ بثروة مكنوزة وإنّما يفخر بثورة جمعها من جهده وعمله ، والعلم يعلمنا كيف نستخدم ثروتنا ، وكيف ننفق وكيف نستثمر ، وأن نتصرف في ثروتنا تصرف العقلاء لا تصرف السفهاء ، نريد العلم الذي يرفع من كفاءة شبابنا في العمل والإنتاج وتطوير أساليب البحث العلمي في كلّ ما يحتاج إليه المجتمع من باحثين وأطباء ومهندسين ومختصين ، والغاية تكوين الإنسان بفكره وثقافته واختياراته ونظرته للحياة والكون ، وتنمية قيم الخير لديه ، واعتزازه بقيم الكرامة والحريّة واحترام الآخر ، ومقاومة الشرّ والظلم والعدوان ، هذا هو العلم الذي نريده ، وهذه هى الغاية التي نرجوها ، فالعلم لأجل الحياة ولتحقيق كرامة الإنسان…