العلم والتقوى امران لا ينفصلان..

 
ذاكرة الايام..العلم والتقوى لا ينفصلان
كنت فى طفولتى الاولى اعتقد ان العلم والتقوى امران متلازمان , كل عالم هو تقي لان العلم يقود صاحبه الى التقوى والورع ويجعل صاحبه اكثر محبة للكمال , هكذا كنا نعتقد , كان كل العلماء هم اهل تقوى ودين وادب واستقامة , كنت اقو لان العلم يقود الى حسن الفهم ومحبة الخير والتمسك بكل خلق محمود والاقلاع عن كل خلق مذموم ,ما ازال اذكر كلمة للسيد النبهان طيب الله ثراه عندما سألته يوما عن الحلال والحرام , قال لي : من تعلق الكمال لا يفعل ما يخالف الكمال , اباحة الشيء لا يعنى انه الكمال , خلاف الاولى ليس هو الكمال , اهل التقوى لا يفعلون خلاف الاولى ابدا , المسلم الحق يفعل ما امره الله به لا طمعا فى الثواب , وانما لان الله تعالى امره به , والمسلم يتجنب الحرام لانه لا يليق ان يفعله ويخجل منه , وهذه هي مهمة المحاسبة , لا احد يعرف ما تخفيه وانت اعلم الناس بنفسك واقدر على معرفة الحق من كل الاخرين .ز
عندما كبرت واختلطت بكل المجتمعات كنت ارقب ما اراه امامى , اكتشفت ان سعة العلم لا تعنى سعة التقوى ابدا , رأيت اعلاما فى العلم وقامات كبيرة ذات شهرة ومكانة واسهام ولهم الكثير من المصنفات العلمية الرائدة التى اضافت الكثير الى المكتبة العلمية , واختص باهل العلم العلماء الذين اضافوا واحسنوا فيما اضافوه , بعض هؤلاء كانوا اهل تقوى وورع وفهم ودين واستقامة, وقد جمعوا بين العلم والتقوى , وهناك الكثير ممن اعتبروا العلم مهنة كبقية المهمن وكانوا كغيرهم من الناس ويصدر منهم ما يصدر عن امثالهم من انواع السلوك ولو كان مذموما , بعض هؤلاء تعلقوا بالدنيا وعملوا لها وكانوا اهل طمع ونهم يخاصمون ولا يخجلون , ويكذبون ولا يبالون , ويغضبون ويحقدون وينتقمون ويعتبرون ذلك حقا من حقوقهم , هناك من هم اسوأ من هؤلاء واكثر سفها من الجاهلين , مازلت اذكر مواقف لمثل هذا النوع من الرجال , وفى المقابل هناك اهل تقوى وورع بعضهم قليل الزاد فى العلم وكنه كثير الزاد فى التقوى والاستقامة والخلق الرفيع والتواضع واصدق والنزاهة ,
العلم لا يعنى التقوى حتما الا لمن هداه الله وشرح صدره للعمل الصالح وكان محبا للخير , العلم لا يعنى العمل ابدا الا اذا شرح الله قلبك للعمل بما علمت , عندما تعلم ان الصدق هو الافضل لا يعنى ان تكون صادقا الا اذا كنت من اهل الصدق , الاستقامة لها مصدران اما انها من الجود الالهي الذى يكرم الله به بعض عباده فضلا منه , وتجد فيهم تعلقا بالكمال منذ طفولتهم الاولى , وهناك سبب اخر وهو التربية الصالحة والصحبة الصادقة والبيئة الصافية , وهذه عوامل مؤثرة فى السلوك الانسانى , من حسنت تربيته حسن ادبه وفهمه وكان اكثر تعلقا بالكمال والفضائل فيما يصدر عنه , من تعلم منذ طفولته ان يخجل من الوساخة فلايمكنه ان يالفها ابدا , وهو يضيق بها ولو فرضت عليه , مجاهدات النفس منهج تربوى وهو ان تقاوم طغيان الغريزة على سلوكك فتضيق بها , المجاهدة سلوك يومي تقاوم به الاهواء والميول نحو السلوكيات السيئة , ومما اثار انتباهي اننى رايت التقوى لدى كثير ممن ليسوا من اهل العلم ولم يعرفوا به , وكنت اجد التقوى فى هؤلاء اكثر رسوخا , لان تقواهم ناتجة عن ايمان يقينى لا اعوجاج فيه , بعض هؤلاء قد يدفعهم الجهل الى الانحرا ف ولا يشعرون ويظنون انهم يحسنون , من عللامة التقوى انها لا تقودك الى فعل يحرمه الدين ام تنكره الفطرة من الافعال المذمومة , التقوى خلق الكبار الذى احبوا الله فجعل الله فى قلوبهم محبة الخير والرحمة بالمستضعفين وكراهية كل الاوصاف المذمومة كالحقذ والحسد والغرور , العلم له اخلاقية فمن يستفد من العلم اخلاقية العلم فلاقيمة لما تعلمه من العلم , لقد اخطات المؤسسات العلمية عندما اهتمت بالعلم واهملت اخلاقية العلم وتجاهلت هذا الجانب , فاصبح العلم اداة بيد السفهاء يستخدمونه كسلاح يناصرون به الظالمين ويدافعون به عن الفاسدين ويبررون به سلوكيات المترفين ,
 
( الزيارات : 643 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *