القوة لا تقاوم الا بالقوة

ء

 

علمتني الحياة

أن كلّ عدوان يعتمد على القوّة لا يمكن أن يُقاوَم إلا بالقوة وكلّ ظلم مصدره القوة لا يرفع إلا بالقوّة وكل حقّ لا تحميه القوّة سرعان ما يقع تجاهله ولا يتحقّق العدل في أي مجتمع إلا بالقوة التي تحمي العدل وكل من شعر بالقوة يراوده شعور خفي بالاعتداء على من هو أضعف منه ولو بالكلمة أو السيطرة أو الهيمنة وقلّما يتراجع المعتدي عن عدوانه إلا بالقوّة ولا حوار بين قويّ وضعيف إلا عندما يشعر القويّ بقوة الضعيف وقلّما نجد من يستجيب للحقّ قناعة منه بقوّة الحقّ, والطغيان هو سلوكُ الأقوياء في تجاوز حقوقهم والرغبة في التغلب على الأضعف وكلّ حربٍ يشنها القويّ على الضعيف لإرغامه على الاستسلام ، والضعيف إذا شعر بضعفه فقد يستسلم وأحياناً يقاوم ولا يقاوم إلا من شعر بقوةٍ تمكنه من إرغام القويّ المعتدي على الاعتراف بحقوق الطرف الضعيف .

والقوة مرغمة للضعيف على ما لا يريد ولا خيارَ له إلا أن يرضخ وكلّ من رضخ للقوة واستسلم لها فقد حكم على نفسه بالمذلة والصغار ولولا أن العبيد رضخوا لمن استعبدهم لما كانت العبودية ولولا أنّ المحكومين رضخوا لقوة الطغاة والمستبدين لما كان الطغيان والاستبداد ولا حدود لطغيان البشرّ ولولا القوة الرادعة لما كانت العدالة ولا حوارَ ولا مفاوضات إلا في ظلّ القوّة المتوازنة وعقودُ المعاملات يجب أن تكون بين طرفين يملكان الحريّة والإرادة ولا عقدَ بين قويّ وضعيف ومن لا يملك القوة التي تمكنه من الدفاع عن حقّه فلا يعتدّ بإرادته لأنّه مظنّة للإكراه .

والدّين يحرّم الظلم والطغيان والعدوان ولكن لا يتوقف العدوان المعتمد على القوّة إلا بالقوّة وتناصر المظلومين وتضحياتهم وإصرارهم على مقاومة المعتدي علهم هو سلاحهم الأقوى, والطغيان قوّة وهمية والطاغية وإن تظاهر بالقوّة والقسوة فهو من أكثر النّاس ضعفاً وخوفاً وأسرعهم إلى التنازل والاستلام بشرط أن يتأكّد من صمود الطرف الضعيف والسلطة هي حليف الضعفاء والمظلومين وهي سيفهم الذي يحميهم فإذا تحالفت السلطة مع الأقوياء ضدّ الضعفاء فلا خيار للمستضعفين إلا المقاومة والتضحية أو الاستسلام ولا مقاومةَ بغير تضحية ويجب أن يقاوَم طغيان الدول الكبرى التي تملك القوة بكلّ أنواعها العسكرية والاقتصادية والتكنولوجية والإعلامية ، وأفضل طريقٍ لمقاومة هذا الطغيان هو وحدة الدول الصغيرة وتضامنها وقبولها لكلّ التحديات وتوحيد مواقفها وسياساتها والتمسك بسيادتها والتحكم في ثرواتها ، وإقامة تحالفاتٍ إقليميةٍ مع دول الجوار والدول التي تشاركها في المواقف ، فعالمنا اليوم لا يقبل سيطرة الأقوياء ، ولم تعد تخيفه أسلحة الدمار ، وكلّ احتلال لأرض الغير يجب أن يُقاوَم مهما كان الثمن ، ولا مفاوضات مع المعتدي مهما كان قوياً ، وكلّ من يتحالف مع عدوّه ضدّ أهله وجيرانه فسوف يدفع الثمن فيما بعد ، والجهاد هو سلاح المستضعفين ، ومن أسقط اختيار الجهاد فقد اختار المذلة والاستسلام ، والصمود في وجه المعتدي القوي هو انتصارٌ ، والمعتدى عليه يتحمل مائة خسارةٍ ولا يستسلم ويقاتل لمدة مائة سنةٍ ولا يضيق بقتاله ، ولا يضيق بخسائره وتضحياته ، أما المعتدي فلا يتحمّل الهزيمة ولا التضحيات وسرعان ما يصيبه اليأس والقنوط .

( الزيارات : 1٬619 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *