الكبير بنفسه والكبير بغيره

 

 

علمتني الحياة

أن أفرقّ بين من يكبر بنفسه ومن يكبر بغيره , فمن يكبر بنفسه يظل كبيراً ولو فقد أسباب كبره , ومن يكبر بغيره فسرعان ما يصغر عندما يفقد مظلته , وهو يكبر بوهمٍ يسيطر عليه , ولا يراه الآخرون كبيراً ,فمن كبر بصداقة الكبار ومجالستهم والتقرب منهم يكبر وهمه في نفسه , ويظن نفسه كبيراً ,والكبار بالوهم كثر , وهم في الغالب صغار النفوس , فقد يكبرون بنسبٍ قديم قد زالت أهميته , أو بثروة الأجداد بعد أن اندثرت , أو بمجد أسرة فقدت مكانتها , ويعيش الأحفاد أسرى ذلك المجد الموهوم , ويكبر الوهم في داخلهم , وينعكس على سلوكهم , ويطلبون من الآخرين أن يعترفوا لهم بما يملكون , ويتعالون على أقرانهم بما يرونه في أنفسهم , ويزداد إحساسهم بعقوق مجتمعهم بحقهم , وجهلهم بمكانتهم , وهؤلاء في الغالب لا يعملون ولا يجدّون , ويرون أنفسهم أكبر من أي عمل لا يليق بهم , ويعتقدون أنهم يستحقون أن يكونوا في القمة , ويضيق من حولهم بهم ويبتعدون عنهم ومعظم هؤلاء يحقد على كل ناجح , وينشأ أبناء هذه الطبقة في ضياع وحيرة , ويرثون عن أسلافهم أوهام الماضي , وقلما ينجحون , وعلى هؤلاء أن يتخلوا عن أوهامهم لكي يعيشوا حياة طبيعية كما يعيش بقية الناس.

( الزيارات : 1٬589 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *