اللؤم يقود الى الظلم

 

علمتني الحياة

أن الظلم من شيم النفوس اللئيمة , وليس من شيم النفوس التي تربت على قيم الخير والفضيلة , وتميل النفس بتأثير من الغرائز إلى التسلط والتجاوز إلا أن التربية الأخلاقية ورسوخ القيم العالية تمنع النفس من التسلط والظلم , والقوة من أسباب الظلم , فمن شعر بقوته اتجهت نفسه إلى إظهار هذه القوة , بكلماته ومواقفه , ولا بدّ من رادع يمنع القوي من التجاوز , وهذا دور المؤدب في الطفولة أن يعيد النفس إلى الاعتدال عندما تشعر بالرغبة في التغلب والانتصار ..

وعندما يفتقد الرادع الذاتي والرادع الخارجي فمن الصعب السيطرة على النفس ,والتحكم في سلوكها , وبعض الآباء الذين يملكون القوة والسلطة والمال يشجعون أبناءهم على استخدام هذه القوة ضد الآخرين لتقوية شخصيات الأبناء منذ الطفولة , ويشعر الطفل بالقوة , فيمارس العدوان على الآخرين والتحكم في أمرهم , وعندما يكبر هؤلاء الأطفال يكبر معهم استعدادهم للعدوان وعندما يفتقد الرادع الأخلاقي الداخلي والرادع الخارجي فلا حدود لظلم هؤلاء  ,والرادع الداخلي الذي تنميه التربية السليمة يخفف من هذه السلوكيات والرغبات الشريرة , إلا أن الرادع الخارجي هو الأكثر تأثيرا , فالقانون الذي يعاقب على التجاوز والظلم يردع الظالم عن ظلمه , وهناك رادع اجتماعي وهو نظرة المجتمع بازدراء إلى سلوكيات العدوان والظلم , فيخجل الإنسان من سلوكه السيء , ويخفى هذا السلوك وإن صدر منه , لئلا يشعر باحتكار المجتمع للسلوكيات الخاطئة , فالمجتمع الذي يمجّد القوة يشجع الظلم , ويفخر الظالم بقوته , وكل مظلوم يسكت على الظلم يشجع الظالم على ظلمه , ولو توقع الظالم أن المظلوم سيقاومه فلا يجرؤ على ظلمه , وعلى كل مظلومٍ أن يقاوم ظالمه دفاعاً عن كرامته ولكيلا يتمادى الظالم في ظلمه , ولا يستفحل الطغيان في مجتمع إلا بسكوت المظلومين عن ظلمهم وخوفهم من الظالم, وكل ظالم يتظاهر بالقوة وهو خائف متردد , فإذا شعر بأن المظلوم قد سكت واستسلم وخاف منه فهذا مما يشجعه على التمادي في إظهار قوته وهيبته , ومقاومة الظالم جهاد مشروع ومفروض , والضعفاء لا يستطيعون المقاومة , وقد يدفعون ثمن المقاومة , وهذا يدفعهم إلى التجمع والوحدة والتكاتف والتناصر , ووحدة المستضعفين تمنع عدوهم من الاعتداء عليهم , ولذلك كانت الروابط القبلية في الماضي أداة للدفاع عن النفس , ووحدة الشعوب المستضعفة هي الوسيلة الوحيدة للدفاع عن كيانها ومصالحها , والمقاومون البؤساء أشد بأساً وأكثر استعداداً للتضحية , وثورة العبيد هي الوسيلة الوحيدة لحصولهم على الحرية .. والمسلمون أقوياء بوحدتهم للدفاع عن مصالحهم ودولهم , ولا مكان للضعفاء في مجالس الأقوياء 

( الزيارات : 1٬809 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *