المبالغة فى رواية التاريخ

ليس كلّ ما يرويه التاريخ صحيحاً فمعظمه تنقصه الدّقة ، وفيه الكثير من المبالغات ، وقد يناقض الحقيقة كلياً أو جزئياً ، والشعوب في مرحلة تخلّفها تجد في التاريخ ملاذها فتبالغ فيما ترويه عن ذاتها لإرضاء غرورها ، وهذا أمرٌ طبيعيٌ في سلوكيّات الشعوب ، والتوثيق مهما كان دقيقاً لا يؤدي إلى اليقين ، قد يخفف من حجم  المبالغات وقد يكشف عن الروايات غير الصحيحة إلا أنّه لا يؤدي إلى اليقين ، ولا بدّ من إخضاع المرويّات لمعاير عقليّة وموضوعيّة ، فما لا يقبله العقل لا يمكن أن يكون صحيحاً ، ولا مبرّر لافتراض خوارقَ للعادات ، ويزدهر فكر الخوارق في ظلّ المجتمعات المتخلّفة التي يتراجع فيها دور العقل ، ولا شيء يبرّر إلغاء دور العقول في الفهم والاستنتاج وكلّ ما ترفضه العقول فهو مرفوضٌ ، وأوّل خطوة في مسيرة النّهضة هو الثّقة بالعقل والاحتكام إليه في قبول الأفكار والمرويّات ، ولا خطر من اتساع دائرة الفهم وتعدّد الرؤية الاجتهاديّة ، تجاهل دور وكلّ ما هو مقبول عقلياً فهو ممكن ومقبول ، ويدخل ضمن دائرة الممكنات ، ولا حدود لقدرات العقل على الفهم المتعدد والمبالغة ليست ناتجة عن الفهم وليست من جهد العقول ، وإنّما هي ناتجة عن العقل في الفهم .

( الزيارات : 1٬515 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *