المجتمع الاسلامى والحضارة المعاصرة..

المجتمع الإسلامي والحضارة المعاصرة..

تعيش المجتمعات العربيّة والإسلاميّة في حالة ضياع وتيه وحيرة ، وتبحث عن الطريق ولا تهتدي إلى الأفضل ، ويعود سبب ذلك إلى حالة الجهل والتخلّف التي أفقدت شعبنا ثقته بنفسه ، ومعظم هذا الشعب يعتزّ بدينه وعقيدته ويفخر بثقافته الإسلامية ويتمسك بكلّ قديمٍ من التقاليد ويعتبر ذلك من الإسلام ، ويرفض أيّ جديد يأتي من الشرق أو الغرب ولو كان جيداً ، وهناك فريقٌ آخر تأثر بالحضارة الغربية وأُعجِب بها واعتبر أن كلّ ما يأتي من الغرب يجب الأخذ به لأنه يقود إلى التقدم ، وكلّ ما يأتي من تراثنا وثقافتنا الأصيلة يجب التخلى عنه لأنّه يؤدي إلى ترسيخ التخلف ، ومن المؤسف أنّ معظم هذا الفريق رأى الصورة الظاهرة للحضارة الغربية وغفل عن سلبيات القيم الغربية وما يعيشه المجتمع الغربيّ من أزماتٍ مخيفةٍ سواء على الصعيد الأسري والاجتماعي أو على الصعيد الاقتصادي والسياسي ، وهناك فريق ثالثٌ متوقفٌ وحائرٌ ولا يعرف الطريق ، يرفض واقعه المتخلف ويدين القيم والأعراف الفاسدة التي تتناقض كلّياً مع القيم الإسلامية الأصيلة ، وفي الوقت ذاته يرفض الجمود والانغلاق والتعصّب ويطالب بالاستفادة من تجربة الغير وثقافته وعلمه والأخذ بالمفيد والنافع من الحضارة المعاصرة ، وحضارة اليوم ليست خاصّة بالغرب وإنْ حمل لواءها فهي نتاج تجربة إنسانية متواصلة ، وكلّ حضارة سابقة أضافت الجديد والنافع من فكرها وجهد علمائها ، ولو بحثنا عن الجوانب الإيجابية في القيم الغربية وبخاصة ما يتعلق بحقوق الإنسان وحقوق المرأة وحقوق الطفل والتكامل الاجتماعي والمساواة الإنسانية بين الشعوب واحترام الأديان الإسلاميّة وحريّة العقيدة والعبادة وعدم الإكراه في الدين ، واحترام الحياة الإنسانية وإدانة كلّ أنواع العدوان وتحريم التمثيل في الإنسان ولو في الحروب ، وعدم قتل الشيوخ والعجزة والأطفال في الحروب ، وعدم قتل الأبرياء,وحماية حقوق الحيوانات والرفق به,وتحريم قطع الأشجار ، وإلغاء الفوارق والاختلافات اللغوية والقومية واحترام خصوصيات كلّ الشعوب الإسلامية ، ومن المؤسف أنّ شعبنا ومجتمعنا يجهل قيمنا الإسلامية ويعتبر الغرب هو مصدر هذه القيم ، وبسبب الجهل والتخلّف والجمود تخلينا عن قيمنا الأصيلة وأنتجنا قيماً فاسدة في الحياة الاجتماعية ، والعقلاء من علماء هذه الأمة لا يضيقون بالجديد من هذه الأفكار ولا يرفضون الاستفادة من حضارة الغرب في كلّ أمر يفيدنا وينهض بأمرنا ويرتقي بمستوى سلوكنا بشرط ألا يتناقض ذلك مع ثوابت الثقافة الإسلامية ، ولا يلغي خصوصياتنا الذاتية ، واقتباس الجديد والنافع من القيم هو سلوك العقلاء الطامحين إلى النّهضة.. 

( الزيارات : 906 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *