المذاهب الاسلامية..

ذاكرة الايام ..المذاهب الاسلامية..
لست ممن يهتمون بالماضى ويتجاهلون الحاضر ، لاننى اؤمن ان كل جيل مؤتمن على عصره ومطالب بقضاياه ، وهو اقدر على فهم قضاياه المعاصرة وايجاد الحلول الممكنة لها ، الا اننا نحتاج الى فهم الامور على حقيقتها لكيلا نخطئ فى الفهم ، واهم قضية تثير اهتمام عصرنا اليوم هي ظاهرة التعددية المذهبية التى ادت الى ما نراه اليوم من تصادم وانقسام وبخاصة بين السنة والشيعة ، والخلاف سياسي اكثر منه فقهي ، وكان كل فريق يحاول ان يجد المبررات لآرائه ،..
عندما كنت اكتب كتابى المطبوع عام ١٩٧٥بعنوان :المدخل للتشريع الاسلامى درست ظاهرة المذهبية الفقهية ،واهمها المذاهب الفقهية الثمانية ، الحنفية والمالكية والشافعية والحنبلية والجعفرية والزيدية والاباضية والظاهرية ، فالمذاهب الاربعة الاولى هي المذاهب السنية المعتمدة فى اصولها وفروعها ، وهي متقاربة فى اصولها ومواقفها من الصحابة وثوابتها فى مجال العقيدة والاحكام ، وهناك المذهب الجعفرى الذى ينسب فقهه الى الامام جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابى طالب ، وكان الامام جعفر من اعلام عصره فى العلم واخذ عنه العلم كبارعلماء عصره او تأثروا بفقهه ، وينسب الفقه الجعفرى الشيعي له ، ثم انقسم الشيعة الى مذاهب فرعيه بسبب اختلافات سياسية بين الاتباع ونشأت الزيدية المنسوبة الى الامام زيد بن علي عم الامام جعفر ، والاسماعيلية المنسوبة الى الامام اسماعيل بن جعفر فى مواجهة اخيه الامام موسى الذى ينسب اليه الفقه الشيعي ، وهناك المذهب الاباضى المنتشر اليوم فى عمان والجزائر والذى ينسب الى الخوارج وله اصوله الخاصة به فى الاصول والفروع الفقهية ، ومن اهم كتب الاباضية كتاب شرح النيل وشفاء العليل ، وهناك المذهب الزيدى فى اليمن ومن اهم كتبه كتاب :المجموع المنسوب للامام زيد وهو اقرب المذاهب الشيعية الى المذاهب السنية بسبب مواقفة المعتدلة من الصحابة ، وهناك المذهب الظاهرى المنسوب للامام ابن حزم الاندلسى صاحب كتاب المحلى المشهور وهو من اهم الكتب الفقهية المعتمدة على الرواية والدراية وقد افدت كثيرا من هذا الكتاب ..
هل نحتاج اليوم الى دراسة هذه المذاهب دراسة موضوعية نزيهة علمية منصفة بعيدة عن التعصب والكراهية و الاساءة والاستخفاف ، وهي جزء من واقعنا وتاريخنا وتراثنا وفقهنا وتعتمد على ادلة وروايات قد يقع الخلاف فى رواتها ،ولا خيار لنا الا ان نبحث عما يجمعنا لا عما يفرقنا ، نريد الحق والصواب ، لو ابتعدت السياسة عن اسلامنا لكان المسلمون اقوى واشد تلاحما ، لا خيار لنا الا ان نخفف ما استطعنا من اسباب التصارع والتنافس والكراهية وان نربى العامة على الفهم واحترام الراي المخالف مهما كان د، لكي يكون الخلاف فى الاراء الفقهية ظاهرة معبرة عن ثراء فكرنا وعظمة ايمان ديننا باحترام خصوصيات كل جيل واحترام خصوصياته واختياراته لقضاياه ومواقفه ، ان نختلف لايعنى ان يكفر بعضنا البعض الاخر ، ان نتنافس لا يعنى ان نتباغض ، ما اروع ان نبنى جدارا من الثقة المتبادلة بين مختلف مذاهبنا وعلمائنا وبلداننا وشعوبنا ، ولا ينبغى ابدا ان نسمح لغريب مشبوه الاهداف كما يحصل اليوم ولا الى جاهل او متعصب ان يثير مشاعر الفتنة بين الجميع بهدف اضعاف الجميع للسيطرة على ارضنا والتحكم فى امورنا وصرف اهتمامنا عن الاخطار الحقيقية التى تهدد الاسلام كدين وثقافة وعقيدة ..امة الاسلام لا خيار لها الا ان تلتقى على الثوابت الاسلامية المستمدة من القران والسنة الصحيحة بعيدا عن التعصب المذهبى والكراهية والتكفير والتضليل ج، هذا ما يريده الله منا ان نكون عليه امة واحدة مؤمنة مؤتمنة على الحق والخير وتتنافس لكي تكون كلمة الله هي العليا ..

( الزيارات : 2٬381 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *