المنافقون هم ضعاف النّفوس وتغلب عليهم صفة العبودية , لأنّهم يبيعون أنفسهم لقاء ما يرجونه من نفعٍ , فيمدحون وهم يعرفون أنّهم كاذبون , ويتملقون وهم يدركون أن التملّق ليس من صفة الأحرار , ولا تصدر عن كرام الرجال ..
والمنافق يحتقر نفسه لأنّه يكذب على نفسه ويظهر خلاف ما يبطن , والطغاة من رموز القوة يضعفون أمام المديح , ويقرّبون إليهم من يحسن مدحهم والتقرّب إليهم , ولا يعجبهم من ينصحهم وينتقدهم , فالطغيان يصوّر لهم أنّهم يملكون من الذكاء ما لا يفوق غيرهم , ولا يعترفون بالخطأ , ولا يكتشفون خطأهم إلا بعد غرق مركبهم , ولا فائدة من النّدم بعد ذلك .
وينتشر النّفاق في المجتمعات المتخلّفة التي تعاني من الخوف وتنافق للطغاة من رموز القوة لكي تأمن شرهم أو للتقرب منهم , والنّفس البشرية تميل إلى المديح , وتحبّ من يضفي عليها صفات العبقريّة , والطغاة يصدّقون ما يُوصَفُون به فيعيشون في عالم الوهم في ظلّ ما يضفيه عليهم المتزلفون من أوصاف العظمة , وقلّما يفيق هؤلاء من أحلامهم …
اترك تعليقاً