المواقف في الأزمات

الوحدة

علمتني الحياة أن أستمد من الواقع أفكاري ومن التجربة رؤيتي ومن التاريخ دروسي ومن العقلاء معايير الصواب والخطأ , وكنت أستمتع بما أتامله في لحظات حواري الداخلي مع نفسي..
كنت ألاحظ أن كل ثورة سياسية أوحركة اجتماعية أودعوة إصلاحية ينقسم الناس حولها إلى أقسام ثلاثة :
الثلث الأول : المؤيدون لها وتكون نسبتهم الثلث في أحسن الظروف , وهؤلاء هم وقود الثورة ورموز التغيير, ويجب أن يكونوا متكافلين متماسكين مستعدين للتضحية . وأن يكونوا رموزاً نظيفة ومحببة ..
الثلث الثاني: المعارضون وهم الثلث الذي يقاوم التغيير ويتمسك بالوضع القائم دفاعاً عن مصالحه ووجوده , أحياناً يكون متماسكاً وأحياناً يكون مفككاً , وفي الغالب يكون أقل استعداداً للتضحية دفاعاً عن واقعه إلا إذا شعر بخطر يهدده وعندئذ يقاوم بشراسة وقوة ويشتد تلاحمه ..
الثلث الثالث : المترددون , وهم أكثر من المؤيدين والمعارضين في الغالب , وهؤلاء يرقبون ما يجري أمامهم ويتريثون في إعلان مواقفهم لسببين:
الأول هو قناعتهم بالموقف الأفضل لهم لتحقيق مصالحهم الشخصية فهم مع مصالحهم وإن اختلفت هذه المصالح بحسب كل إنسان أو جماعة , والفريق الثاني من هذا الصنف يكون مع المنتصر الذي تلوح ملامح نصره , وهم جاهزون للتصفيق للمنتصر حيث كان ..
والرهان يقع على هذا الفريق وهو المؤثر في المواجهة الأخيرة , وكل من المؤيدين والمعارضين يحرص على استمالة هذا الفريق اليه بالوعود والامانى وحسن المعاملة وحسن الخطاب ..
إذا استطاعت المعارضة أن تكسب هذا الفريق المتردد بالتودد إليهم وإشعارهم بالأمن والأمان واستمالتهم بالشعارات والسلوكيات المحببة إلى النفوس وعدم ارتكاب الأخطاء المنفرة انضم هذا الفريق المتردد إلى المعارضين وحسم الأمر لصالحهم وساعدهم على تحقيق النصر على خصومهم , وكل من المؤيدين والمعارضين قد يحسنون في استمالة المترددين وقد يفشلون وينفرون الآخرين منهم بسوء تصرفاتهم وارتكابهم الأخطاء التي تشوه صورتهم , وأشد خطر يهددهم ويضعفهم هو انقسامهم فيما بينهم وتنافسهم على المناصب والغنائم وكيد البعض للبعض الاخر مما يضعف من شوكتهم وينفض من حولهم عنهم ..
هذا هو فقه الواقع …من لم يحسن فهم طبائع النفوس فهو في الغالب لا يحسن التصرف في هذه المواقف , ويخسر رصيده الذي كان يملكه من قبل , والأزمات تكشف عن قدرات الإنسان على فهم واقعه ...

( الزيارات : 744 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *