اهمية الاهتمام بالتراث

الشعوب الأكثر ثقافة وحضارة تهتم بتراثها وما أنجبه الأسلاف من فكر وثقافة ومعالم حضارية ومعمارية وفنون وكتب ورسوم وإنجازات ومدارس ذات دلالة على الاهتمام بالعلم وتقاليد أصيلة وسلوكيات إحسانية تعبر عن قابلياتها للخير كالأوقاف الخيرية لبناء المساجد والمستشفيات والمدارس والمؤسسات ذات الأثر الاجتماعي لمساعدة الأيتام والعجزة وأبناء السبيل , وهذا التراث يجب أن يُنظَر إليه باحترام لأنَّه جهد الأسلاف وهو جهدٌ محمودٌ تفخر به الأمم, وثانياً قد يفيد بعض هذا التراث في إضافة الجديد من المعارف والأفكار , وفي لحظات التراجع الحضاري وسيطرة مشاعر اليأس على النفوس يشجّع التراث على استعادةالامة الثقة بنفسها ومعرفة ذاتها وتاريخها , والأمة التي تجهل تراثها تجهل مقومات هويتها , وتكون أكثر سرعةً في الذوبان في ظلِّ الأقوى الذي يطاردها بقوته واقتصاده ونموذجه الحضاري , فتسرع إلى تقليده فيسرع إليها الفناء ..

والاهتمام بالمخطوطات العلمية ظاهرةٌ حضاريةٌ , فهي جزء من تراث الامة العلمي وتجب المحافظة على تلك المخطوطات , والاستفادة من المفيد منها , وتصويرها لكي تضمن بقائها , وترمم ما تخرب من الأوراق التالفة , وتسترد ولو عن طريق التصوير ما هو موجود منها ممايمكن تصويره بسهولة ,و يجب أن نستفيد من تلك المخطوطات , وبخاصة ما هو مفيدٌ لنا في علمنا وفكرنا ,وليس كلُّ مخطوط مفيداً ويستحق أن يحقق ويُطبع , ويحقق المخطوط الثمين ويُعتنى به, ويضم إلى المصادر الأصيلة التي يمكن لأيِّ باحث أن يستفيد منه , ولا ينبغي أن يتجه كلّ اهتمامنا إلى الماضي , وننسى الحاضر والمستقبل , فالهدف هو بناء الحاضر والاستعداد للمستقبل , ونستعين بالماضي للنهوض بالحاضر , ومن شغله ماضيه عن حاضره فقد اختار طريق الضياع والتخلف , فالحاضر العظيم لا تبنيه ذكريات الماضي العظيمة , فالماضي لا يبني الحاضر ولا ينهض بالمستقبل , وانتصارات الماضي لا تحقق انتصارات للاجيال اللاحقة , فانتصارات الحاضر يحققها جيل الحاضر , ونهضة الأمس لا تدوم إلى بجهد المعاصرين للحفاظ على تلك النهضة , فآثارنا القديمة تسعدنا إذا كانت عظيمة وتفرحنا إذا رأيناها, وتدلنا على كفاح أسلافنا وتفيدنا في سياحتنا , ولكن لا يمكن أن تُبنى النهضة بتلك الآثار , ولا ينهض جيلناالابجهده, وننتظر من جيلنا أن يكتب وأن يضيف وأن يجتهد وأن يبني وأن يكافح وأن ينتج لكي نحقق ظروف النهضة , وكلّ ما نملكه في الماضي يجب أن يتجه لخدمة الحاضر , وأن يتجه فكرنا لإنتاج أفكار ملائمة لعصرنا , فلا قيمة لفكر لا نحتاج إليه , و لااهمية لسلعة لا نحتاج لاستخدامها , ويجب أن نواكب الفكر المعاصر وأن نستفيد منه وأن نناقشه وأن نسهم في إغنائه , وأن لا نكتفي بدور المقلد الجاهل المفلس الذي يستورد من الخارج قيمه وسلعه وأعرافه وكيفيات   سلوكه.

( الزيارات : 742 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *