الانفاق وسلوكية الاعتدال

سلوكية الإسلام في الإنفاق الاستهلاكي هي سلوكية اعتدال , وسلوكيةٌ أخلاقية , وليست فيها سلوكيات السفه والترف المثير للمشاعر الشريرة والحاقدة , , وملكيته مقيده , وليست مطلقة , ولا يملك أن يتصرف في ماله إلا في إطار ما تبيحه الشريعة له , فلا حريّة له فى أن ينفق منه إنفاق السفهاء , والسفيه يُحجَر عليه في ماله وتصرفاته, والسبب في ذلك أنَّ الإنسان مستخلف على ما فى يده حمايييييييية  لمصلحته ولمصلحة المجتمع , فلا يشتري ما لا حاجة له به , ولا يبذر فيما يملك , ولا يحتكر ما يحتاج الناس إليه , ولا يُلحِق الضرر بالآخرين في استعمال حريته , ولا يتحكم في ثروته بعد موته إلا وفقاً لقواعد التوريث الشرعية , ولا يخص وارثاً بزيادةٍ عمّا يرث , ولا يحرم وارثاً من حقه المشروع , ومن فعل ذلك فقد ظلم نفسه أولاً ووارثه ثانياً , وأثار الأحقاد والبغضاء والنزاعات في إطار أسرته ومجتمه..

ومن حقِّ المالك أن يتمتع بماله وأن يعيش كما يعيش أقرانه , وأن لا يبذر فيما استخلف عليه ,وأن لا يبخل على نفسه وأسرته, وأن يقوم بواجبه الاجتماعي في مساعدة ذوي القربى من المحتاجين , وكلّ فقراء مجتمعه , ولا يمنع مالك المال من أيّ إنفاقٍ معتدل وعادل تقره الأعراف الاجتماعية, والإنفاق الصادر عن السفهاء يثير الاشمئزاز والغضب والحقد ويحرِّض المحتاج على الجريمة , والسفيه يُنصح وينبه وينكر عليه فعله , فإن لم يتوقف عن سلوكيات السفه فإنه يُجبر على ذلك بالحجر عليه بطلبٍ ممن يتضررون من أفعاله مثل أولاده , لأنهم أصحاب حق , وليست هناك حرية مطلقة في نظر الإسلام , والحرية مقيدة بالمصلحة العامة وسلوكيات الفضيلة, فإذا أدت الحرية إلى التضييق على حقوق الآخرين والإساءة إليهم فهذا من المفاهيم الخاطئة للحرية , ومن أساء للآخر بحريته فعليه أن يُحاسَب ويعاقب , فلا حرية لصحفي يتهم أحداً بما يسيء إليه , وعليه أن يقيم الدليل على ما يقول أو يعاقب , ولا حرية لعاقدٍ أن يتعاقد مع آخر للقيام بأمر غير مشروع كالقتل والسرقة وإرهاب الآخرين , ولا حرية لحاكم أن يحكم بهواه متجاهلاً احترام مصالح شعبه , ولا أن يتنازل عن أيّ حقٍ من حقوق شعبه إلا بما يحقق المصلحة العامةالتى يقع التوافق عليها..

ولا حريّة لحاكم أن يتحالف مع عدوٍ واضحِ العداء لشعبه لحماية نظامه من غضب شعبه عليه , فلا يستقوي بالعدو الخارجي على شعبه , لحماية حكمه.. ولا حرية له أن يسرف في الإنفاق الاستهلاكي لشراء سلاح لا يحتاجه لإرضاء دولة كبرى تفرض عليه ذلك , فثروة الأمة هي ملك لها , ولا  تعقدصفقة سلاح بغير موافقة الأمة وقناعتها بحاجتها إلى ذلك السلاح , ولا حرية له في إنتاج سلعة ضارة بمجتمعه كمن يزرع المخدرات أوينتج الموادالضارة..

وكلّ ذلك يؤكد أنَّ الشريعة بأحكامها العادلة تحمي السفيه من نفسه , وتتدخل في استهلاكه , وتحد من حريته إذا استخدمها بطريقة ضارّة , وتحرم اكتناز الأموال واحتكار الأقوات وإلحاق الضرر بمصالح الناس..

( الزيارات : 1٬111 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *