المصالح هي سبب الصراعات

علمتني الحياة

علمتني الحياة أن معظم الصراعات بين الأفراد والجماعات والأحزاب والدول لا تحركها المواقف ، وإنما تحركها المصالح ، قد تكون هذه المصالح مادية أو تكون صراعاً لأجل النفوذ والسيطرة والتغلب على الآخر المنافس ، وأحياناً ترفع شعارات تعبر عن المبادئ ، وفي الغالب تكون المصالح هي الدوافع الحقيقية ، إذ لا يمكن لأيّ ظرف أن يعلن عن دوافعه ، وقد يجهلها هو نفسه ، ويقنع نفسه بالشعارات التي يرفع شعارها ، والدفاع عن المصالح أمرٌ مشروع وهو سلوك طبيعي في البشر ، والتدافع ظاهرة نفسية للتعبير عن الذات وإفراغ تلك الطاقة المكبوتة التي يخفيها الإنسان في داخله ..

وعندما يحتدم الصراع بين الطرفين يستخدم كل فريق جميع الأسلحة التي يملكها ، للتغلب على خصمه ، ولو كانت تلك الأسلحة غير أخلاقية كالكذب والخداع وترغيب الأنصار وترهيب الخصوم وعندما يستخدم الطرف الأقوى العنف لحسم الصراع لصالحه فعندئذ يدخل الصراع مرحلة جديدة من المواجهة الساخنة التي قد يستعمل فيها السلاح وقد تؤدي إلى صراعات دامية .

ومادامت هذه الصراعات في حدود الدفاع عن المصالح بالأساليب السلمية والمواجهات الكلامية والاتهامات المتبادلة فهي مفيدة للمشاهدين وتدل على حيوية الأطراف المتنافسة ، ويتابعها المشاهدون كما يتابعون مباريات كرة القدم بحماس وانفعال ويفرحون بالنصر ويحرصون على هزيمة الآخر ، وهذا أسلوب جيد لنقل الصراعات من المجتمع إلى الملاعب بحثاً عن نصر تسعى إليه النفوس ، والشعوب الضعيفة تبحث عن ذاتها من خلال هذه الانتصارات الكروية ، وهي أكثر فرحاً بانتصارها من الشعوب التي تحقق انتصاراتها في الساحات الحقيقية ،حماية لمصالحها ودفاعاً عن امتيازاتها ..

والأحزاب السياسية تبحث عن السلطة والحكم والنفوذ والقوة ، ولهذا يتبنى كل حزب مشروعه السياسي بما يقنع المجتمع به ، وكلها ترفع شعارات وطنية ، للفوز بثقة الشعب ، وكلما ارتقت الشعوب في وعيها كانت أكثر قدرة على حسن اختيارها وأكثر واقعية في مواقفها ، وتتراجع المصالح أمام المواقف ، ويرتقي معيار المحاسبة ، وليس هناك ما يمنع من الدفاع عن المصالح المشروعة في هذه الصراعات ، إلا أن من الضروري أن تكون المصلح مشروعة , وأهمها الدفاع عن الذات والمطالبة بالحقوق ، ولا خطورة من هذا التغالب في إطار المجتمع الواحد بشرط أن يكون نظيفاً ومنضبطاً , وأن تُستخدَم فيه أساليب مشروعة ، وأن يحرص الجميع على ألا ينقلب هذا التنافس إلى إثارة الفتن والانقسام والعنف وكراهية الآخر والإساءة إليه ، والمنتصر يجب أن يستوعب الخاسر وألا يستفزّه في لحظة انفعاله وأن يتم التواصل بين الأطراف لكيلا ينفلت الزمام .

( الزيارات : 705 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *