حكومة دينية أو مدنية ؟!

حكومة دينية أو مدنية ؟!

العدل

الحكومة الدينية كثرت في الفترة الأخيرة فكرة الحكومات الدينية , والتي ترفع شعار الدولة الدينية , وهي ملتزمة بتطبيق أحكام الدين , وهناك أحزابٌ إسلاميةٌ , وترفع شعار الإسلام , وتقدم مشروعها السياسي بما ينطبق مع التصور الإسلامي في الحكم ، وربما تحظى هذه الأحزاب بتأييدٍ واسعٍ في المجتمعات الإسلامية , تعبيراً عن يأس المجتمع من كلّ المشروعات السياسية الأخرى الاشتراكية والأحزاب اليمينية , ويتحمل الحزب الإسلامي مسؤوليةً كبيرةً وبخاصة إذا وصل إلى الحكم , ويكون أمام اختيارات صعبة , فلا يمكن تطبيق الإسلام كما يراه الحزب , ولا يمكن إقرار ما هو مخالف للإسلام , وإذا فشلت تجربته في الحكم فهل يتحمل الإسلام مسؤولية هذا الفشل . ومن الأفضل إنشاء أحزابٍ سياسيةٍ , تحت شعارات سياسية , وتكون مؤمنة بالإسلام , وتحرص على تطبيق ما تستطيعه من الأحكام الإسلامية , وبخاصة أنَّ الإسلام يملك اختيارات واسعة في المجال السياسي والاقتصادي , ومهما يكن من أمرٍ فإنَّ من الضروري إيجاد دولة عصرية , في قوانينها وأنظمتها , وأن تكون السيادة فيها لإرادة الأمة في اختيار دستورها , وليست هناك سلطةٌ دينيةٌ لأيّ أحد , وأن تكون هناك مؤسسات دستورية تباشر دورها في مجال التشريع والقضاء والإدارة والرقابة وتحترم إرادة الأمة فيما تختاره , وتحترم حريّة العبادة والحريّات الفكرية , ولا تمارس باسم الدين ممارسات أو تقرّ قوانين تضيق نطاق هذه الحرية , فلا يمكن تجاهل حقوق الأقليات الدينية ، وحرية العقيدة يجب أن تكون مصانة , ففي ظلّ الدولة تحترم حقوق كلّ مواطن , ولا يجوز أن يُظلَم أيّ مواطن باسم الدين , ولا أن تقيد حريته المشروعة باسم الدين , وأول شرط في أيّ حكومة ترفع شعار الإسلام أن تقدم نموذجاً للحكم معاصراً وراقياً , وأهمّها احترام حقوق الإنسان وحقوق المواطن في العقيدة والفكر والممارسة السياسية , وإقرار التعددية الحزبية , والاحتكام للانتخابات والإرادة الشعبية , ومحاربة الاستبداد والاحتكام للمؤسسات , وحريّة الرأي وحريّة الصحافة , وعدم ممارسة أيّ نوع من أنواع الدكتاتورية باسم الدين , ومحاربة الفساد الإداري والرشوة والانحلال الأخلاقي , وإقرار سياسات اجتماعية عادلة ووطنية 0 وبقدر ما تستطيع هذه الأحزاب الإسلامية أن تكون مرنة وواسعة الأفق وتتسع للرأي الآخر وتقدم نفسها من خلال سلوكها وقيمها ومواقفها الوطنية فإنها تستطيع أن تنجح في مهمتها ، وإذا سيطر فيها المتطرفون , وضيّقوا الخناق على الناس فيما يختارون فمن الصعب نجاح مثل هذه التجربة , والمجتمع لا يخشى من الإسلام وإنما يخشى من التطرق في المواقف باسم الإسلام , والتضييق على النّاس في حرياتهم الشخصية , وليس هناك رجال دين يحكمون , وإنما هناك سياسيون متدينون وحزبٌ سياسيٌ يؤمن بالإسلام أفضل من حزب ديني يحكم باسم بالإسلام , فما يريده الإسلام أن تحترم إرادة الأمة وأن يكون الحكم عادلاً ونظيفاً , وأن تعبر الأمة عن إرادتها وأن تصان الحريات والحقوق وأن يلتزم المجتمع بالسلوكيات الأخلاقية . ا. هــ

( الزيارات : 1٬403 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *