دولة التفويض الارادى ..

كلمات مضيئة..دولة التفويض الارادى .

لم يعد مفهوم الدولة اليوم كما كان من قبل , كانت الدولة فيما مضى تعتمد على القوة والغلبة , والغلبة تحتاج الى عصبية قاهرة تمكن صاحبها من فرض نفوذه وسلطانه على كل الاخرين , دولة اليوم لم تعد كما كانت , بعض الدول مازالت تؤمن بفكرة التغلب والقوة , قوة اليوم ليست كقوة الماضى , قوة اليوم هي قوة التفويض الارادى وفق طريقة من طرق التعبير عن الارادة , هناك نماذج كثيرة للتعبير عن التفويض , دولة التغلب تعتمد على القوة فى البداية وتعتمد على الترهيب لتكفل استمرارها , دولة اليوم هي وليدة ارادة شعبية ترى فى الدولة حاجة وضرورة اجتماعية  للقيام نيابة عن شعبها بتوفير اسباب حياته,  واهمها الامن والسلام وحماية الحقوق وتحقيق العدالة وحماية القيم الدينية والاخلاقية ومقاومة الظلم والعدوان والفساد وتوفير الخدمات الضرورية التى يحتاج اليها المواطن فى التعليم والصحة والقضاء وحماية النظام لاجتماعى , دولة اليوم هي وليدة توافق اجتماعى على حاجة المجتمع  لقيام سلطة مؤتمنة ومكلفة ومسؤولة , وهناك وثيقة دستورية مدونة ومتفق عليها تعبر عن كافة الحقوق والواجبات والقيود والحدود التى يجب ان يلتزم بها كل من الدولة والشعب , وعند الاختلاف يقع الاحتكام اليها لمنع الخلاف والفوضى والتجاوز , لا احد مهما بلغت قوته ومكانته يمكنه ان يتجاوز تلك الوثيقة التى وقع الالتزام بها, لم يعد الحاكم كما كان من قبل يملك بغير حدود , الدولة اليوم هي دولة مؤسسات رسمية وكل مؤسسة تؤدى مهمتها كما نصت عليها الوثيقة الدستورية , اهم وثيقة دستورية هي كتاب الله الذى لا ياتيه الباطل وقد رسم معالم النظام الاجتماعى وترك لكل مجتمع ما يراه ملائما له , لقد اكتفى القران ببيان ثوابت النظام الاجتماعى وهو احترام الحقوق الانسانية لكل الناس  واهمها كرامة الانسان وحقه فى العدالة وان تحترم الشورى للتعبير عن احترام الجميع والا يكون هناك ظلم او طغيان او استعباد اواكل لاموال المستضعفين ظلما , هذه ثوابت النظام الاجتماعى , ماجاء فى القران من بيان الحقوق فلا يمكن تجاوزه , القران هو الدستور الذى يجب احترامه , اما الدستور الانسانى الوضعي فهو بيان تفصيلى وتاكيدى لما يحقق تلك الثوابت , كل مجتمع يقدم تصوره للحكم كما يلائمه مما يراه محققا لمصالحه , ليس هناك نظام اسلامى وانما هناك نظام يحترم الثوابت الاسلامية ونظام لا يحترمها , تقترب الدساتير الوضعية  والقوانين بحسب احترامها لتلك المعايير الاسلامية , هناك انظمة للحكم كثيرة فى تاريخ المسلمين وهذا لا يعنى انها اسلامية كما يريدها الاسلام , كل نظام احترم ثوابت الاسلام فهو اقرب الى الاسلام وكل نظام طغى وظلم وافسد وتجاوز الحدود واعتدى على الابرياء والمستضعفين فلا يمكن ان ينسب الى الاسلام ولو انتمى الى الاسلام شكلا ورفع شعاراته , وهذا هو الوصف الذى يطبق على النظام الاقتصادى , فما احترم الثوابت الاسلامية فى المعاملات واسهم فى تحقيق العدالة الاجتماعية وابتعد عن سلوكيات السفه فى الانفاق والاستغلال فى الكسب فلا يمكن ان ينسب الى الاسلام , المعيار هو الخير والشر والمصلحة والمفسدة والعدالة والظلم واحترام الحقوق او تجاهلها , لا شيء من الاسلام الا اذا احترمت ثوابت الاسلام فيه  , لاقيمة للشعارات والتسميات وتلك شكليات لا تغير من طبيعة المعاملات , لا يحتج بالاسلام لتبرير امر يحرمه الاسلام , ما ثبت الظلم فيه فليس من الاسلام , سلوكيات السفه ليست من السلوكية الاسلامية , والسفهاء ليسوا مؤتمنين على الاسلام ولو ادعوا الاسلام , الاسلام خلق اصيل واستقامة وعدالة ونزاهة , الاسلام لا يعنى ان يكون الدولة بلا دستور يبين الحقوق ويلتزم الكل به , والاسلام لا يعنى الا يكون هناك قانون يوضح الحقوق ويبين اصول العدالة , لا نريد دولة دينية ترفع شعار الدين وتبرر ما حرمه الدين من سياسات وممارسات  وانما نريد دولة تحترم ثوابت الدين وتتحمل مسؤولية ما تقوم به فان احسنت فلها اجرها ,  وان اساءت فعليها وزر ما فعلت واختارت…

( الزيارات : 774 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *