ذكريات الأيام..أهمية العمل الجماعي

ذكريات الأيام..أهمية العمل الجماعي:

تعددية

ما زالت ذاكرة الطفولة تمدني بالكثير من الذكريات الدافئة والجميلة والمعبرة عن مواقف وقيم وسلوكيات راقية أستمد منها الكثير من الأفكار التي نحتاج إليها اليوم ..
ذات صباح جاء بعض إخوان السيد النبهان طيب الله ثراه من الفلاحين العاملين في قرية الجابرية القريبة من حلب قبل الوضيحي يشكون له ما يعانون من مشقة بسبب ضيق المكان وقلة القباب المعدة للسكن في القرية ، تألم السيد لحالهم وأدرك أنَّ ما يطلبونه هو حق ولابد إلا أن يكون معهم في محنتهم ..وفي اليوم التالي جمع كل العاملين في القرية، وأخبرهم أنَّ إخواناً لهم لا يملكون مكاناً لسكناهم، ودعاهم إلى اللحاق به في الربوة المطلة على النهر، وقال لهم: من هذا التراب سنصنع اللبنات الذي تبنى به قباب القرية، وشرع في صنع اللبنات الترابية حتى إذا ما تم صنعها وجف ترابها أمرهم بنقلها إلى القرية، وبنيت بها القباب الجديدة، وكان الكل يعمل بحماس ونشاط، في الليل والنهار، كان معهم في كل خطوة، كان الكل يساعد الكل، والكل يعمل لأجل الكل.وممن شارك في هذا رجل مازال موجوداً الآن هو السيد شعبان خلف..
لم يكن من عادة السيد أن يأمر إخوانه بشيء، وإذا أراد شيئاً بدأ فيه بنفسه، وأخذ يعمل فيه بيديه وكان يقول أحب الناس إلى الله أكثرهم خدمة لعياله من المحتاجين , ومن خدم أخاه سخر الله له من يخدمه في الأزمات والصعاب.، وسرعان ما يسرع الكل إلى العمل بنشاط وحماس لا يتخلف أحد عن عمل عام، لخدمة الآخرين، ولابد من التكافل في الأعمال والتآزر في كل جهد، ليكون العمل لله، ومن كان في عون أخيه كان الله في عونه، والخلق عيال الله وأحبهم اليه أكثرهم خدمة ورحمة ..
كنت في العاشرة من عمري ..تعلمت شيئاً أن السيد يجب عليه أن يخدم سيادته ولا يكون الكبير كبيراً إلا بمواقفه الكبيرة.
وأتساءل الآن :
شعبنا اليوم يحتاج إلى أبنائه الصادقين المخلصين لكي يكونوا إلى جانب المحتاجين والمستضعفين من أبناء شعبنا المنكوب بمحنته والمجروح بسبب ما يعانيه من عقوق العاقين وغدر الغادرين وقسوة الظالمين وطغيان حكامه الآثمين ..
مجتمعنا يحتاج اليوم إلى المؤمنين الصادقين الذين يفعلون الخير لله تعالى في هذه الأيام المباركة ويقفون إلى جانب إخوانهم في محنتهم بكل جهد ممكن..
أليس هذا ما يأمرنا به الدين ؟..
أليس هذا هو الإسلام الحق ؟..إسلام الكرامة وإسلام الرحمة وإسلام العمل الصالح..

( الزيارات : 1٬522 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *