رؤية الانسان للاشياء

العين ترى الأشياء ولكنها لا تفسرها ، والعقل هو الذي يفسر ما تراه العيون ، والعقول متفاوتةٌ في قدراتها ولذلك يختلف التفسير بحسب العقول ، والعين لا ترى في الظلام ولا ترى ما هو خلف الجدران ، ولكن العقل يمكن أن يُفسر ما يجري خلف الأسوار ، والطفل يرى الأشياء ويعجز عن تفسيرها ، والعاقل يُفسر ما يراه ، فالعين أداةٌ لإيصال الصورة إلى العقل ، والعقل أداة للمعرفة ، والمعرفة وسيلة لمعرفة الحق ، ومن عرف الحق وجب عليه الالتزام به ، ومن عرف الحق ولم يلتزم به فهذا جاهل ، ولاشيء كالجهل يقود صاحبه إلى الهاوية ..

والكون واحد ، ولكن كلّ إنسان يراه من زاوية مختلفة عن الآخر ، فمنهم من يراه مُشرقاً في ضوء الشمس ,ومنهم من يراه منيراً في ضوء القمر, ومنهم من يراه مُظلماً في الليالي المعتمة ، وكلّ فريق صادق فيما يراه ، وليس الخلل في الكون وإنما في الإنسان ، فالمتفائل يرى الكون جميلاً ومشرقاً ، والمتشائم يرى الكون مظلماً ومخيفاً ، ولا أحد يُلام على ما يراه ، ولا يُحاسب أحدٌ على صدقه ولا يعاقب بسبب بما يراه ، وإنما يُعلَّم الجاهل ويُزوَّد بالثقافة والمعرفة لكي يتمكن العقل من التمييز بين الحق والباطل ، والصواب والخطأ ، وما ينتجه العقل السليم يجب أن يُحترم ، ولا يُلام الإنسان على ما يراه بعقله ، واعترف الشرع بما تنتجه العقول السليمة فيما يخضع لإدراك الحواس ، فيما يحقق مصالح الخلق ، ولا تستطيع العقول إدراك ما هو خارج عن نطاق المحسوسات والمدركات ، والعقل مصدر المعرفة الدنيوية التي تتعلق بشؤون الخلق ، والوحي مصدر المعرفة الغيبيّة التي تُعمق مشاعر الإيمان بالله ، ولا يجوز الاجتهاد العقلي فيما يُخالف الثوابت الإيمانية التي جاء بها الوحي ، ويجب الاجتهاد في كلّ الأمور التي تتعلق بشؤون المجتمع وبما يحقق العدالة والكرامة لكلّ البشر..

وغاية العلم تزويد العقل البشري بالمعرفة الضرورية لكي يختار الأصلح والأفضل لحماية الحياة وتقدم الإنسان ويجب أن نختار العلم النافع الذي يرتقي بمستوى العقول وليس العلم الضار الذي يُفسد العقول ، وإذا فسدت العقول أنتجت قيماً فاسدة وفكراً هداماً وظلماً وعدواناً..

( الزيارات : 760 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *