ذاكرة الايام.. رمضان فى حلب
لم اجد بلدا تضاء فيه مصابيح الدين فيه كما كنت اجده فى حلب .. رمضان فى حلب متميز دافئ ممتع ضاحك البسمات جميل الملامح ..كل شيء فى رمضان حلب جميل ..حضرته فى السنوات الاخيرة وما زالت ملامحه ترتسم امامي وتثير فى داخلى مشاعرلا استطبع وصفها …لا شيء الا رمضان.. فى النهار وفى الليل وفى البيوت والاسواق .. اطباق خاصة فى رمضان وموائد لا تكون فى غير رمضان وتقاليد اصيلة وقديمة وراسخة ..احيانا تقع تجاوزات فى العادات واحيانا فى بعض اداء العبادات ولكن لاشيء منها يمكن انكاره لانها عفوية ومعبرة عن الحب والصدق والفرحة والبهجة .. ما اروع مواكب الراحلين الى المساجد لاجل صلاة التراويح وما اجمل ما تشعر به من صدق المؤمنين ..افواج متلاحقة تملا الشوارع وهي تريد ان تأخذ مكانها فى صفوف المصلين .. ليلة القدر فى حلب من اروع ما رأيت فى حياتى ..الناس فى المساجد الى مطلع الفجر داعين ذاكرين قارئين مصلين .موسم ليس كبقية المواسم .. ودفء ايمانى ليس كمثله شيء, انه ناطق معبرمثير للمشاعر موقظ لكل خلايا الخيرالكامنة فى اعماق القلوب المؤمنة ..كنت التمس العذر للناس فيما هم فيه , واجد فيما يفعلون دروسا ايمانيية اكثر بلاغة من كلمات الدعاة واكثر صدقا مما كانوا يقولون ..كم نحتاج الى التامل فى عظمة ما يعبر عنه المؤمن الصادق فى لحظات تدفق عاطفة الايمان فيه .كم هو جميل ان نغلق كتبنا العلمية ونقرأ فى ملامح المؤمنين ما هو كامن فى وجدانهم من ايمان عميق..متى نستمد افكارنا من مناجم انسانية راقية تملك من قيم الدين مالايملكه اكبر ائمة الدين .. ذلك المنجم هو منجم الفطرة الانسانية التى لا حدود لعطائها فى الفهم العميق لمعانى الايمان ..
اعرف ان دموعا ستنهمر غزيرة من عيون كان اصحابها يعيشون هذه الذكريات وهم اليوم بعيدون عنها ويتساءلون فى كل مساء: هل ستعود هذه الذكريات من جديد..