فقه الحكم وشجاعة الحاكم

كلمة اليوم
اهتمت وسائل الاعلام فى المغرب بحدث قد لا يدرك كثير من الناس خارج المغرب اهميته ومجتمعنا اليوم بحاجة اليه لدلالته على منهج متميز فى ممارسة الحكم وفى اسلوب يتسم بالحكمة والشجاعة وسعة الافق , وهذا ما نحتاج اليه فى حياتنا لكي نستفيد من تجربة المعاصرين ممن اوتوا سعة فى الرؤية وحكمة فى المواقف ..
الموضوع الذى تناولته وسائل الاعلام هو ان جلالة ملك المغرب محمد السادس الذى اعتاد ان يصلى الجمعة فى كل اسبوع فى مسجد من المساجد فى المدن المغربية قد اختار فى الجمعة الماضية ان يصلى صلاة الجمعة فى مسجد فى مدينة طنجة عاصمة الشمال , وكان خطيب الجمعة وامام الصلاة فى هذا المسجد هو شيخ السلفية فى المغرب الشيخ محمد الفيزازى المعروف بمواقفه السلفية الجهادية , وقد حكم القضاء عليه بالسجن ثلاثين سنة نظرا لاتهامه باحداث العنف فى مدينة الدار البيضاء قبل اكثر من عشر سنوات , وامضى عدة سنوات فى السجن المنفرد , وصدر عفو ملكي عنه واسندت اليه مهمة الدعوة والخطابة ..ولما صلى الملك الجمعة فى مسجده وانصت لخطبته وصلى الجمعة خلفه وسلم عليه بعد الصلاة اثار هذا الموقف العاقل تساؤلات حول دلالة هذه الخطوة غير المعهودة من الملوك والحكام تجاه من اشتهروا بالعنف والتشدد فى المواقف , وبخاصة اذا كانوا ممن صدرت احكام قضائية بحقهم بالادانة والسجن ..
تساءلت كما تساءل الكثير من الناس عن دلالة هذا الموقف الحكيم والشجاع وعن اهمية نتائجه على الاستقرار الاجتماعى والتواصل الايجابى مع رموز التطرف واحتضان فكرهم لكي يكون اقرب الى الاعتدال وفتح الحوار معهم وتشجيعهم بالمواقف التى تشعرهم بالمسؤولية تجاه امن واستقرار مجتمعهم ..وهذا موقف يستحق التقدير ويدل على فهم لطبائع النفوس فى الاستجابة للمبادرات الطيبة والمشجعة , وهذا خيارعاقل واسلوب حكيم فى ممارسة الحكم والسلطة يخفف من حجم التوترات الاجتماعية ويشجع الحوار بين مختلف الاطراف ويضعف من اثر التطرف والتشدد لكي يكون الوطن هو الحاضنة التى تجمع الجميع على كلمة سواء تبنى المستقبل وتعلى صرح التعايش والتساكن بين مختلف مكونات المجتمع وتعبر عن رقي الانسان فى المواقف والاختيارات ..وصدق الله العظيم: ومن يؤت الحكمة فقد اوتي خيرا كثيرا..

( الزيارات : 737 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *