فى مجال التكليف الثقة بالاسباب

كلمات مضيئة .فى مجال التكليف الثقة بالاسباب

دعوت  اكثر من مرة الى  اهمية الثقة بالعقل والعلم معا , فالعقل  هو الركن الاول الذى يمكننا من الفهم الصحيح اما العلم فهو الشرط الثانى الذى نحتاجه لضمان فهم الخطاب التكليفى , والثقة بالعقل لا تتجاوزحدود ما يدركه العقل من الترابط الظاهرى بين العلة وما يؤدى اليها  والمعلول , اهمية العلم بالنسبة الى العقل ان العقول لاتدرك الاشياء الا من خلال العلم بالاسباب , وهو ما يعرف بقانون السببية التى تجعل كل شيء هو نتيجة السبب  الذى سبقه , قانون السببية نحتاجه لفهم الظاهرة الاجتماعية التى بنيت عليها الاحكام , مهمة الفقيه ان يحسن فهم قانون السببية , لكي يبنى عليها احكامه , تكلمت عن تأثر العقل بمحيطه وبكل العوامل التى هي فى الذاكرة من ذكريات الماضى  , المعرفة العقلية نوعان , هناك اشياء يدركها العقل لانها منطقية ولا يمكن تصور خلافها كما هو الشأن فى القضايا الرياضية , والمنطقية,  ومنها ان النقيضين لا يجتمعان فى وقت واحد , وان الليل والنهار لا يجتمعان معا فلا بد من الليل او النهار , وهذه قضايا عقلية وحتمية ويمكن للعقل ان يدركها بذاته وبالفطرة التى خلقت مع الانسان من غير حاجة الى الملاحظة والتجربة , وهذه المعرفة حتمية ويقينية ولا مجال للتامل فيها او التشكيك فى يقينيتها , واعتقد ان ذلك العقل يمكنه ان يدرك بنفس المنهج ان هذا الكون لا بد له من موجد وهو واجب الوجود , هذا الامر هو مما يدرك عن طريق الفطرة وهي ارسخ من العقل واكثررشدا فى قضايا الايمان , وهذا هو ايمان العارفين الذين عرفوا الله وتعلقوا به واحبوه لا عن طريق دليل عقل او برهان , وانما عن طريق نور غمرقلوبهم  فتكلموا عن الله تعالى وكانه معهم فى سرهم وعلانيتهم , وشهدوه فى تجلياته الكونية فكانوا اكثر ايما نا به ويقينا .ز

 اما اهل المعرفة البرهانية الاستدلالية فكان منطلقهم عن الادلة العقلية التى اعتادت العقول ان تقبل بها , هذه المعرفة نحتاجها لفهم القوانين الكونية , واهمها قانون السببية , ومهمة العقل ان يدرك العلاقة السببية بين امرين متعاقبين يكون الثانى هو نتيجة للاول , وهي سببية ليست حتمية ويمكنها الا تكون , ولكن عندما نرى فيها التعاقب والتكرار نكتشف ان العلاقة بين الامرين تتكرر فى كل مرة , معظم القوانين الكونية تعتمد على فكرة السببية , فالنار تحرق ما اقترب منها  والحديد يتمدد فى النار ,هذا ما يتكرر فى كل مرة الى ان يصبح برهانا ويقينا ,  ونحن نعلم ان الامام الغزالى انكر فكرة السببية ولعله اراد بذلك ان يؤكد حقيقة ايمانية ان  النار لا تحرق بذاتها وانما بارادة الله وان الله يمكنه ان يجعل النار غير حارقة اذا اراد ذلك , ويمكن تصديق معجزات الانبياء لانها لا تخضع لقانون السببية , ذلك امر اعتقادي وايمانى , وكل شيء اراده الله يمكنه ان يكون , هذا امر لاخلاف يه , ولكن فيما يتعلق بالمعرفة الانسانية فلا بد من الثقة بالعقل لفهم الحقوق الانسانية ومبادئ الاخلاق والنظم الانسانية وكل العلوم التى تتعلق بالانسان , العقل يمكنه ان يدرك الاشياء بذاته كحتمية منطقية لا يتصور خلافها كما هو الشان فى اجتماع النقيضين فى مكان واحد , او يدرك الاشياء عن طريق اعتيادها وتكرارها كما هو الشان فى القوانين التى تعتمد على الملاحظة والتكرار , وتلك قوانين ليست حتمية ولكنها اقترنت بالاعتياد الى ان اصبحت فى حكم اليقينية وتظل يقينينية الى ان يستطيع العلم نفسه ان يثبت بدليل اقوى انها خاطئة , كل معرفة اعتمدت على الملاحظة تظل يقينية الى ان يثبت العقل والعلم انها خاطئة وليست هذه مهمتنا ان نعيد النظر فيها و لا بد من الثقة بالعلم واما اثبته العلم فلا يرد ولا يجوز التشكيك فيه الى ان يثبت العلم نفسه خلافه , مهما كان حكمنا على العقل فيجب الثقة به لاننا مخاطبون به ومكلفون بان نثق به , انه فى غير يقينيات الايمان هو الملاذ الذى يجعلنا اقرب الى الحق الذى كلفنا به ودعينا اليه , والعذر ملتمس لنا فيما كان دليلنا فيه هو العقل نفسه وهذه دعوة للعلماء لفهم ما خوطبوا به والخطاب متجدد فى كل لحظة زمنية ولا يتوقف ولا عذر للمقلدين  اجتهد في اختيار من  تقلده ولا تعطل الخطاب ولا توقفه فان فعلت فقد اخطأت واثمت , عندما لا نثق بالعقل فاننا نهدم بذلك حصون الدين واعمدته ونشجع فى ذلك اصحاب المناهج الضالة والمذاهب المنحرفة واهل البدع ورموز الجاهلية المتعصبة وهم كثر فى كل عصرطال ليله  واشتد ظلامه , ما تراه العقول الراجحة هو الحق الذى يمكننا الاطمئنان اليه , ويظل قانون السببية هو ما يجب الثقة به كمنهج عقلانى للمعرفة الاستدلالية فى فهم العلاقة بين النقل والعقل  لكيلا نفتح الباب على مصراعية امام الاوهام والوساوس التى يريدون باسم الدين ان يتقربوا الى العامة بما يدعونه من الاحوال المتكلفة ..

ر

( الزيارات : 551 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *