لا تيأس..رحمة الله واسعة


 علمتني الحياة

ألا ييأس الإنسان من رحمة الله , ولو ملأ الدنيا شروراً وآثاماً , فلا أهمية لكل ما يفعل إذا تاب وندم على ما فعله من آثام , وكل إنسان خطّاء وخير الخطّائين التوابون , ولولا أن يكون الخير فيه لما ألهمه الله التوبة ولما قاده إلى  مجالس الصالحين والصادقين , وليس كلّ من حضر مجالس الصالحين ينشرح صدره بما يسمع , وقد يضيق صدره بهذه  المجالس  ويخرج منها وهو أكثر قساوة وشقاء , ولابّد من عناية , وأهل العناية لا خوف عليهم وإن غرقوا في الأوحال , والعناية ترعاهم وتنقذهم , وبعض المنحرفين يعيشون في أوكار الرذيلة ولكن قلوبهم الصافية قد تكون معلقة بالله , ويدعون الله في كلّ ليلة أن يتوب عليهم , ولا بدّ من عودة هؤلاء إلى الصواب , فالنادم على أفعاله الفاسدة لابدّ إلا أن يكتب الله له التوبة ويعينه عليها , والتوبة قرارٌ صعب , والنّفس التواقة للملذات لا يمكنها الإقلاع عن هذه الملذات إلا إذا أعانها الله على ذلك بنورٍ يسلطه على قلب هؤلاء , والنّور يطارد الظلام كما تطارد الشمس ظلام الليل 00

والنّفس التواقة إلى التوبة والاستقامة يرسل الله لها ولو كانت في الأقبية المظلمة من يأخذ بيدها ويخرجها إلى النّور فرحمة الله واسعة , فلا ييأس أحد من رحمة الله , وقد يسلط عليه بعد التوبة ابتلاءات قاسية في نفسه وماله وأسرته فلا يضعف , فالله يبتلي العبد التائب لكي يختبره أولاً ولكي يطهره ثانياً ولكي يرقيه إلى المراتب العليا ثالثاً , ولا ترقية بغير ابتلاء , فالابتلاء هو الطريق إلى معرفة الله ، والغافل يحتاج إلى الابتلاء لكي يستيقظ من غفلته , وقد يأتي الإنسان للمنحرفين فيوقظهم من الغفلة , ويعيدهم إلى الله , فلا يضيق العبد بما يصيبه من مرضٍ أو محنٍ أو شدائد , و إذا أحب الله عبداً ابتلاه بالشدائد لكي يردّه إليه , وكلما اشتد البلاء على العبد صفا قلبه واقترب من ربه , لأنه ما ابتلاه إلا لكي يسمع أنينه ودعائه , إلى أن يتحقق بدرجة العبدية لله , فيرى الابتلاء من الله , فلا يحقد على من تسبّب له في الابتلاء لأنه يرى الله في هذا الأمر , والله يسلط من يشاء على من يشاء لحكمة يراها , ومن رأى الله فيما ابتلي به لم يحقد على من يبتليه , ورجع إلى الله لكي يبعد ذلك العدو عنه , وهذه درجة عالية في التربية الروحية , وفي مراتب السلوك إلى الله .

ولذلك يجب أن نمد يدنا إلى كلّ المنحرفين ممن غلبت عليهم شهواتهم , وأن نحاول إشاعة الأمل في قلوبهم , وأن نشجعهم على اختيار طريق الاستقامة , ومعظم هؤلاء يستجيبون ويصلح حالهم , ويستقم سلوكهم , وقد يصبح إسلامهم أفضل من غيرهم , وقد يكونون قدوة لغيرهم , فيا أيها الدعاة افتحوا الأبواب والنوافذ أمام البائسين والنادمين والتائبين وعبّدوا أمامهم الطرق ولا تضيّقوا عليهم الطريق , ولا ترعبوهم ولا تخيفوهم بأفكاركم ونصائحكم الضيقة , ولا تغترّوا بمظاهركم فقد يكون هؤلاء أ قرب إلى الله منكم , وقد تكون قلوبهم طاهرة ونقية وصافية , فلا تُحبطوا آمالهم باليأس.


 

ّ

 

( الزيارات : 1٬542 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *