الغريزة كمال فى الانسان

 

علمتني الحياة

أنّ القوة الشهوانية عند الإنسان هي قوة غريزية تدل على كمال الإنسان واستقامة تكوينه فإذا انعدمت هذه القوة أو ضعفت وقع الخلل في الصّحة والمزاج والنشاط فالإنسان يأكل بقوّته الشهوانية ويطلب كلّ ما يحتاج إليه بهذه القوّة ويتزوج بكمال هذه الشهوة ولولاها لمات الإنسان لعدم شهوته للطعام ولانقرض المجتمع لعدم شهوته الجنسية وفاقد هذه الشهوة لايدرس ولا يشتغل ولا يتحرك ولا يتكلم ولا يسافر لانعدام الشهوة لديه وهي أهمّ من القوّة الغضبية التي يحتاجها الإنسان عندما يقع الاعتداء عليه في نفسه أو ماله أو حريته أو كرامته ولا يغضب الإنسان من غير سببٍ ولا تُذ مّ القوة الشهوانية وإنما يذم ما ينتج عنها من سلوكيات خاطئة عندما تسيطر الشهوات على الإنسان ويضعف أمامها وينقاد لها, وكلّما استجاب الإنسان لشهواته تمكنت منه ودفعته إلى مزيد من الشهوات قد تكون في البداية غير ضارّة ثم ينقاد لها في سلوكيات خاطئة قد تقوده إلى نتائج مأساوية في صحته وفي ماله وفي سمعته وفي علاقاته الاجتماعية, والقوة تنمى و تساعد على تقوية هذه الشهوات لأن القوي بماله أو سلطته أونفوذه يستطيع أن يلبي كلّ مطالب شهواته فلا يمنعه فقر من تلبية شهوة ولا يوقفه ضعف إذا ملك السلطة ويستسلم لكل الشهوات وتنمو الرغبة في الشهوات في الطفولة حيث تلبّى كل رغبات الأطفال في الألعاب والملابس والأطعمة وبخاصة في مجتمعات الترف ويعتاد الشاب المراهق على تلبية كل مطالبه في السيارات واللباس والأسفار ومجالس اللهو حيث يبحث الشابّ عن ملذاته الحسيّة وهي أقرب للنفس من الملذات المعنوية كالدراسة والقراءة والرياضة والهوايات المفيدة , و يأتي دور أصدقاء السوء حيث يشجعون الشباب المترف على الانغماس في الملذات والخمور ومجالس اللهو , وتزداد الإغراءات ، والنفس التي تشتاق للفساد تستجيب لهذه المجالس إلى أن تنغمس في مستنقع العوائد الفاسدة , ولا تصحو إلا بعد أن ينفلت الزمام , وتيأس من واقعها , وقد تندفع نحو المخدرات في مرحلة اليأس للتخلص من هذا الواقع السيئ ونسيانه والهروب منه …

والإنسان اليائس لا يشعر بالمسؤولية الأخلاقية ولا بأثر المجتمع عليه , والعامل الأهمّ والوحيد الذي يمكنهه انقاذ هذا الغريق هو الإيمان الديني والعقيدة الراسخة , فقد يصحو الضمير فجأة إذا اختار الله له طريق الاستقامة , وجاءته لحظة يقظة ورعاية , فإذا وُجدت في قلبه بقية من صفاء وطهارة ونور فسرعان ما يحدث ذلك الانقلاب السريع في حياة هذا الانسان , وإذا كان صادقاً في توبته وشعر بالندم على ما فات قاده الله إلى مصاحبة الصالحين والصادقين فأمسكوا به وأنقذوه مما هو فيه , فإذا به في عالم جديد نظيف , فينسى ماضيه وكأنّه ما كان , وتطوى صفحة وتفتح صفحة جديدة , فلا ييأس الإنسان من رحمة الله , وباب الله مفتوح للجميع , ولا يَرُدّ من التجأ إليه ولو كان من أكثر الناس شروراً , ومعظم هؤلاء تحسن توبتهم ويكبر مقامهم عند الله وعند النّاس , وعندما يستقبل القلب لحظة عناية فلا بدّ من إشاعة النور في القلوب ...

( الزيارات : 840 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *