مصانع الانسان..المدارس والجامعات

 

علمتني الحياة

أنّ المدارس والجامعات والمعاهد التربويّة هي المصانع الحقيقية لتكوين الرجال والنساء ومهمتها الأولى هي التربية والتكوين الشخصيّ ثم يأتي دور التكوين العلمي وإعداد المتخصصين والعلم يحتاج لشخصية متوازنة قادرة على الاختيار الصحيح والعلم بلا تربية سلاحٌ يحمله جاهل ويخوف به أعداءه, والطبّ بلا تربية هو تجارة سيئة السمعة لأنّها تعبث بحياة الإنسان وصحته فلا يثق المريض بطبيبه إذا نصحه بأمرٍ خوفاً من أن يدفعه الطّمع إلى نصيحة خاطئة, والقاضي بلا تربية يعبث بالحقوق العادلة ويبيع ضميره لمن يدفع له الرّشوة ويفقد القضاء هيبته والمفكر والأديب والشاعر والمثقف كلّ هؤلاء يمكن أن يكونوا أداة للنهضة بإسهامهم في تنوير مجتمعهم بما يكتبون ويحاضرون ويسهمون في توعية مجتمعهم ، فإذا ساءت تربيتهم وسيطرت عليهم قيم التخلف كانوا رموزاً للنّفاق والتملق ومناصرة رموز الشرّ في المجتمع والفقيه الذي يفتقد التربية الصالحة يفتي بما يخالف أحكام الشريعة إرضاءً للأقوياء لتبرير أفعالهم الخاطئة ويتجاهل مبادئ العدالة وحقوق النّاس وحماية المصالح الاجتماعية والحاكم إذا لم يلتزم بالقيم التربويّة الأصليّة يظلم شعبه ويصدر قراراتٍ جائرةٍ وخاطئةٍ فإذا حسنت تربيته وإعداده كان القدوة لشعبه في سلوكه الأخلاقي ونزاهته وحسن اختياراته وإذا حسنت تربية المواطن حسنت المعاملات اليومية في البيوت والأسواق وفي الإدارات العامة , والتزم كلّ مواطن بما يجب عليه من سلوكيات في أدب الحوار وأدب التربية وأدب المعاملة , وأدب المجالس , وانعكست آثار ذلك على المجتمع , في احترام الآخر في عقيدته وعبادته والتعددية الفكرية والثقافية , واحترام المواطن حيث يكون ولو كان في السجون , وتُحترَم كرامته , ولا نسمع ذلك في الحفلات الليلية حيث ينام الناس , ولا نرى الأوساخ في الشوارع , والإهمال في الإدارات , ويرتقي بالتربية الإسلامية السليمة دَور المساجد في المجتمع برقي القائمين عليها , ويسهم المسجد في تكوين ثقافة الإسلام ..

هذا هو دَور التربية وهذا هو دَور المدرسة والجامعة , فإذا ارتقت المدرسة لا بجمال أبنائها وإنّما بالتزام المناهج التربوية الصالحة والمفيدة التي تهتم بتكوين الشباب , فالمدارس والجامعات هي مصانع الرجال , وليست مؤسسات تجارية واستثمارات يتحكم فيها المستثمرون لتحقيق أرباحٍ فاحشةٍ على حساب العلم , ويعطون شهادات لمن لا يستحقها , فيفقد المجتمع ثقته بأهل الاختصاص إذا شعر بنقص في تكوينهم ..

ويجب على الدولة وهي المؤتمنة على سلامة التربية والتعليم أن تراقب كلّ مؤسسة تعليمية , وأن تمنع أيّ انحراف أو تقصير , وأن تراقب المناهج التربوية والتعليمية وأن لا تعترف إلا بالمؤسسة التعليمية التي التزمت بكلّ المعايير العلمية المتبعة , فإذا حَسُنت الجامعات وارتقى مستوى التعليم كان ذلك مبشراً بالمستقبل الأفضل ….

( الزيارات : 795 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *