المخطئ ليس كالفاسد

 

علمتني الحياة

أن التمس العذر للمخطئين ولا ألتمس العذر للفاسدين , فالمخطئ قد يخطئ ويظنّ أنّه يفعل الصواب , والفاسد يفعل العمل الفاسد وهو يعلم أنّه فاسد , ولا يرتدع ولا يتراجع , فالفساد لا يصدر إلا عمن  قسا قلبه وغاب ضميره وفسد باطنه ,  والفساد شرّ كلّه والمجتمع النظيف يطارد كلّ رموز الفساد ويعزلهم اجتماعياً وينظر إليهم نظرةَ الإدانة , ولا ينظر إلى ما يملكون من سلطةٍ أو مالٍ أو نفوذٍ , فلا مكانة لمختلسِ للأموال العامّة أو لمرتشٍ أو لمغتصبٍ لأموال الآخرين أو لمن يعمل في التهريب أو يتحامل على القانون للحصول على امتيازات ماديّة , والمجتمع النظيف الذي يؤمن بالثوابت الأخلاقية يضيق بهذه النماذج الفاسدة , فالقاضي الذي يحكم بالحقّ لمن لا يستحقه , والقضاء الذي يراعي الأقوياء ويظلم المستضعفين ويأخذ ثمن انحيازه لا يمكن أن يحظى بثقة النّاس , والأستاذ الجامعي الذي يخون أمانة العلم ويهمل في واجباته , ويبيع أسئلة الامتحان لمن يملك القوى والنفوذ لا يمكن أن يكون نموذجاً صالحاً للأستاذ الجامعيّ الذي يمثّل القدوة لطلابه والمثل الأعلى في نظر مجتمعه , ولا عذر للفاسدين , ولو دفعهم الفقر إلى قبول الرّشوة والفساد المالي , والفقر مهما كان قاسياً لا يبرّر الدناءة والخيانة والفساد وسبب الرشوة هو الطمع والنهم وسوء التربية وضعف الضمير , والقانون يجب أن يشدّد العقوبة على كلّ مظاهر الفساد وبخاصة الرشوة والتهرّب من الضرائب وتهذيب البضائع الممنوعة والاتجّار بالمخدرات وكلّ الأعمال الضّارة بالمصالح الاجتماعية وما وُضعَت هذه القوانين إلا لخدمة المواطن , وكلّ مسؤول يقبل الرشوة لإعطاء إعفاءات أو امتيازات غير قانونية يجب أن تكون عقوبته قاسية , وإذا وقع التّساهل مع هؤلاء الفاسدين فسد كلّ شيء في المجتمع وتجرأ كلّ مواطن على القانون وأصبحت الرشوة شائعةً ومألوفةً , ولا يقبل المجتمع النّظيف بمثل هذه السلوكيات , ولا يُستثنَى أحدٌ من تطبيق القانون , وليس هناك أيّ مواطن أعلى من القانون فلا تجاوز لأحكامه , ويجب أن يبطل أيّ قرار إداريّ مخالفٍ للقانون , ويحاسب كلّ مسؤولٍ عن أيّ تجاوز للقانون ..

والمجتمع النظيف يطارد بنظراته رموز الفساد , وينكر عليهم أفعالهم , ويفضح أمر الفساد ورموز الفساد في المجتمع , ويجب أن يؤدي المجتمع المدنيّ من خلال مؤسساته واجبه في مقاومة الفساد في المجتمع وفي السلوك والمعاملات الإدارية والتجارية , والتاجر الذي يغشّ ويكذب يجب أن يُقَاطع , والصناعيّ الذي يغشّ في المواد الأوليّة , ويقدم بياناتٍ كاذبةٍ أو موادٍ مغشوشةٍ تجب معاقبته , وتجب مراقبة صناعة الأدوية والأغذية واللحوم والمعلبات وكلّ ما يهدد الصحة العامّة , وتجب أن تُحترَم السلوكيات الأخلاقية في الحياة العامة كالالتزام بالحشمة في الملابس والاحترام المتبادل بين الناس , واحترام القوانين المنظمة لحقوق النّاس في نظام الأسرة وقانون السير والقوانين المالية والعقارية , والفساد مرضٌ وبائيٌ تجب مقاومته لكيلا يستفحل أمره ويزداد خطره ..

( الزيارات : 776 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *