مجالس البحث العلمى

ذاكرة الايام. ..مجالس البحث العلمي

كانت تجربتي في الاشراف علي البحوث العلمية غنية بالدروس التي تعلمت منها الكثير مما كنت احتاجه لتنمية. معرفتي بالحياة ، وكنت اجد سعادة كبيرة وانا احاور احد طلابي في قضية علمية او منهجية,  وكنت في كل صباح استقبل طلابي الذين يأ تون من مختلف المدن المغربية واكثرهم من مدن شمال المغرب وبخاصةً تطوان مدينة العلم والثقافة  والتقوى ، وكانً معظم طلابي الذين كنت اشرف عليهم اكبر. مني سنا لانهمً. كانوا من الجيل الاول من خريجي دار الحديث الحسنية وكانوا اساتذه في جامعة القرويين وكانوا يعدون اطروحاتهم  العلمية ، وهم من الرموز العلمية وبخاصة فيما اختصوا به من العلوم. وانصرفوا . اليه من التخصص:  في علم القراءات او في علوم الحديث او في الفقه المالكي او في تراجم الاعلام بالاضافة الي تحقيق كتب التراث والاهتمام بالمخطوطات.واحيائها  . ، ةمعظمهم اساتذة وباحثون ، وكانوا علي درجة كبيرة من العلم والخلق والادب ، لم تكن علاقتي بهم علاقة استاذ بطالب ، لم اشعر بذلك. في اي موقف وكنت صديقا لهم  وكانوا يعلمون  حرصى عليهم  , وكنت انصحهم بصدق فيما ينفعهم ، لم اكن اعلم الكثير عن اعلام. الغرب الاسلامي والاندلس. في مختلف العلوم الاسلامية وكان طلابى اعلم منى بذلك ، هناك اعلام لم اسمع باسمهم من قبل ، كانت مهمتي تقتصر علي توجيههم  والاهتمام  باستقامة المنهج العلمي اولا ، ولا اذكر انني اختلفت مع اي طالب من طلابي ، كنت اشعر. بمحبتهم واحترامهم , وكان هذا مصدر سعادتي ، وكنت احب تلك المهمة العلمية التي استمرت ربع قرن. ، كنت اري ان الباحث يجب ان يتحمل مسووليته عن عمله العلمي ، وتنحصر مهمة المشرف في المساعدة. والمتابعة ، وكنت اري ان حسُن اختيار موضوع الدراسة هو البداية الصحيحة لتكوين الشخصية , وهذا الاختيار يعبر عن امرين : جدية الباحث في البحث

وثانيا في حسُن فهمه لمعني البحث العلمي ، لم اكن احب الموضوعات الجاهزة والمكررة والتي تهتم بالجمع واعادة الكتابة من غير اضافة او فهم , وكنت اهتم بدراسة المجتمع الذي اسهم في تكوين. تلك الشخصية والعصر الذي يوجه الاهتمام الي الافكار المعبرة عنه ، وكنت الاحظ ان البحث العلمي يحتاج الي موهبة. واستعداد ، وليس كل باحث يملك ذلك ، هناك باحثون يريدون الشهادة العلمية لاجل التوظيف ، وليس العلم ، وتلك محنة التعليم العالي والبحوث العلمية ، هناك طلاب ليس لديهم الاستعداد للبحث ، وهناك اخرون. لديهم الاستعداد ، ولكن لا يجدون التشجيع ولا الظروف التي تساعدهم علي البحث ، اما التدريس فهو مهمة اخري ولا يحسنها الا من يملك القدرة عليها والاستعداد الشخصى ، وهناك شروط ثلاثة لا بد منها للوصل الي العلم : اولا محبة العلم وهو الشرط الاهم، وثانيا : الطموح للمعرفة وهذا هو الوقود الذي يحرك الارادة والعزيمة ، وثالثا : التوافق بين الانسان والعلم الذي يسعي اليه ، وهو الذي يولد الحب ، ولا يمكن للحب ان بنشأ الا بين شيئين. متوافقين. ، لا بد من التجانس لتوليد الحب ، ومن اراد العلم ولَم يكن محبا له فلا يمكنه ان يتفوق فيه ولو سعى لذلك ، اما الباحثون عن الشهادات لاجل التوظيف. فلا يمكنهم ان يحصلوا علي العلم. ولو حصلوا علي الشهادة والوظيفة ، العلم كالمال ، لا بد فيه من امور ثلاثة ، اولا : جودة الاكتساب عن طريق الجهد فيه ، وثانيا حسن الادخار عن طريق الحفظ و المتابعة ، وثالثا : الحكمة في الانفاق بحيث يكون في خدمة الحياة ، وهناك من يحسن العلم ولا يحسن اداءه ، وهناك من يحسن التعليم. ولا يملك العلم ، وليس كل من ملك ارضا يمكن له زراعتها واستخراج ثمراتها ، رسالة العلم في مجتمعه هي رسالة تنوير واعادة تكوين ، لكي تكون. المسيرة الاجتماعية باتجاه الكمال وليس باتجاه النقصان ، الانسانية. هي قمة فى فهم معنى الحياة  , والفمم تحتاج لمن يصعد اليها ، ورحلة البحث عن الكمال تحتاج لارادة وعزم , وهذا هو الوقود الداخلي للنشاط الانساني ..

 

( الزيارات : 642 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *