Untitled

 كلمات مضيئة..العقول متأثرة ومتفاوتة  فى مدى ادراكها

قضية النقل والعقل هي اهم قضية شغلت اهتمام الفلاسفة والمفكرين قديما وحديثا , ومازالت هي القضية الاولى لانها تتعلق بقضية ايمانية وتطرح قضية التوافق بين الدين والعلم , تكلمت كثيرا عن المنطلق الاسلامى الذى يعتمد على اصول وثوابت لا تقبل الشك ولا التردد , وهي ليست مطروحة للحوار , النص الدينى الذى جاء عن طريق الوحي الالهي هو المقدس الوحيد , اما ما تجاوزه من جهد العقول فهو خاضع لمعايير النقد وفقا لمعايير العلم , ولا احد  ممن اجتهد فى امر بعقله لايخضع لتلك المعايير ,  ولذلك فاننا نميز بين النقل والعقل , فالنقل هو الخطاب الالهي والنبوة هي اداة تبليغه وبيانه , وهناك علماء مختصون فى توثيق ذلك النص من حيث ثبوته , اما الدلالة المراده فهي من اختصاص اهل العلم وهنا تتعدد المناهج الاجتهادية معتمدة فى ذلك على اصول وقواعد علمية تساعد على الفهم , الخطاب هو النص والانسان هو المخاطب به واداة  فهمه هو العقل , وهذا يطرح امامنا قضية مهمة جدا وهي اي عقل هو المخاطب , العقل لا يعمل بطريقة ميكانيكية , اولا ما مكانة العقل وكيف يمكننا الثقة به والعقول ليست متساوية فى قدراتها , وتختلف فى مستوى ذكائها ومستوى انفعالاتها ومستوى تراكم المعرفة فى تكوينها , فاي عقل هو الذى يمكننا ان نثق به لكي نصل به الى الحق , ولعل هذا السبب الذى يجعلنا نفهم اسباب الخلاف بين المذاهب والمدارس والمجتهدين , لا احد اولى من احد بادعاء الفهم والحق , اولا العقول  ليست واحدة فى تكوينها الخلقى , وكل مخاطب يملك الحق فى توهم الفهم , لا احد يعترف انه احق من غيره فى الذكاء , وهناك عامل اخر وهو مدى تأثر العقل بمحيطه الاجتماعي والثقافى والاخلاقى , وهذه عوامل مؤثرة , وهناك عوامل اخرى وهي البيئة الاجتماعية , فمن كان يسكن فى الريف فهو متأثر بما تربى عليه من قيم وثقافات واعراف ولا يمكنه ان يتحرر منها , وهذا يفرض علينا ان نعترف باثر المجتمع والمكان والعصر  فى تكوين العقل وقناعاته وميوله , وهناك عامل ثالث وهو تراكم المعرفة ومدى تأثيرها على العقل فى مدى فهمه لما يحيط به , ويمكننا ان نتاكد من ذلك اذا اكتشفنا اننا كلما اسعت معارفنا اختلفت احكامنا على الاشياء , ولهذا فاننا نقبل اليوم ماكنا ننكره من قبل وننكر ماكنا نقبله , وفى كلتا الحالتين كنا نعتقد اننا على الحق فيما توصلنا اليه بجهد العقل , اين الحق فيما نحن فيه , اذا كنا نثق بالعقل فمن قال لنا بان العقل يمكنه ان يدعى انه لا يخطئ فيما نراه , وبالاضافة الى هذا فان العقل الانسانى لا يمكن ان ينفصل عن الاجسام وهو اداة لها وتتحكم فيه الحواس الظاهرة ويحكم على الاشياء من خلال ما توحي له تلك الاجسام , يحب ويكره من خلال ما يسمعه او يبصره , ويشعر بالسعادة والشقاء من خلال تلك الحواس , كيف يمكننا ان نثق بالعقل وهو الذى لايمكنه ان يدعي اليقين حتى فى اليقينيات الايمانية , وقد اهتدى الكثير وضل الكثير بسبب العقل , الا يدفعنا كل ذلك للنظر فى العقل كاداة للمعرفة وفهم النصوص الالهية التى هي كلام الله المعجز , اذاكان العقل المخاطب يحتاج الى الادلة البرهانية فكيف يمكنه التوصل لما يريده الله , اننى لا اتكلم عما يعجز العقل عن فهمه من الغيبيات فتلك قضايا لا تمثل مشكلة عند المؤمنين لانهم يؤمنون بها ايمانا روحيا , اتكلم عن النص التكليفى وارى الكثير من الاختلاف في فهمه بين المشتغلين به , لا اتكلم عن غير اهل العلم او ادعيائه  وهم كثر , وانما اتكلم عن العلماء من اهل الاختصاص واطرح تساؤلا واقعيا , لا اتكلم عن المعانى المحتملة لكل من العقل والنفس , ومن هو المخاطب والمؤتمن , الانسان هو وليد ذلك التفاعل الحتمي بين البدن والنفس والعقل , لا احد منهم يمكن الاستغناء عنه فى تلك المهمة الشاقة من الفهم , البدن المريض ينعكس اثره على اختيارات العقول والارادات والقرارات , وعندما تتحكم الغرائز تؤثر على العقل وتغير قناعاته بتأثير ما يشعر به من الميول والاهواء , واحيانا يكون جموح الشهوات قويا ومؤئرا على الارادة وموجها لها , لا احد هو اولى بالحق من الاخر,  عندما يبحث كل منهما عن الحق , وحظ احدهما من الصواب هو نفس حظ الاخر منه فلما ذا التعصب فى الرأي ولماذا الاختلاف  , كانت هذه التاملات تدفعنى للتوقف طويلا ,  واتساءل هل نحن على صواب , كلما صعدنا درجة فى سلم العلم اتسعت رؤيتنا ورأينا اكثر , كنت اتساءل هل نحتاج الى مشعل يضيء لنا الطريق فى ذلك الظلام ,

ما اضيق افق الانسان وهو يرى نفسه انه الاكبر والاقدر والاذكى من كل الخلائق , كنت ارى الكمال فى ذلك الكمال الالهي , الذى نجد تجليات الكمال فى كل شيء , كل شيء فى الكون يملك كمالا خاصابه يحتاجه لكي يبحث عنه ويجد فيه سعادته , لا شيء فى الكون من الحيوان والنبات من لا كمال له يضاهي كمال الانسان ,فيما يعجز عنه ذلك الانسان الذى يختال فى الارض غرورا ويعلو فيها علوا كبيرا , من العبث ان نعتقد ان الكون الفسيح هو الانسان , فالله تعالى هو خالق الكون وقد اراد الله ان يكرم الانسان فى الارض بما اعطاه من العقل النورانى الذى يفضل به كل الخلائق لكي يعبد الله ويسجد له , ولن يكون مكرما الا اذا كان افضل من كل الخلق فيما يختاره لنفسه من الافعال التى تقوده نحو الكمال . واهمها المحبة والسلام ومحبة الخير والفضيلة واحترام الحياة والنفور من الانانية والظلم والكراهية والعدوان

( الزيارات : 836 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *