أيها الشباب

أنتم ولاة العهد والوارثون الحتميون لكل ما تركه لكم جيل الشيوخ من الآباء والأجداد، فاحملوا الأمانة ، وعيشوا عصركم، وافعلوا ما أنتم مقتنعون به ، فأنتم مؤتمنون ومسؤولون، واستفيدوا من تجربة أسلافكم ولا تتوقفوا عندها، وأضيفوا ما ترونه صالحاً واتركوا ما ترونه فاسداً، ولا تكونوا مقلدين ، وكونوا أوفياء للحق وخذوا بالأصلح لكم ولعصركم، والتقليد عجز وشيخوخة، والعجز ليس من خصائص الشباب ، واجتهدوا فيما يعرض لكم من القضايا التي تهم حياتكم، وافعلوا ما تؤمنون بأنه الأصلح، ولا عذر لكم إذا قصرتم وضعفتم، فإن أخطأتم في الاختيار فالعذر مقبول، فما أخطأ من اختار واجتهد ، ولا تترددوا إذا تبيّنت لكم المصلحة، ولا تظهروا عجزكم ولا ضعفكم ، فالضعف ليس من فضائل الرجال، وليكن طموحكم إلى الأعلى والأفضل هو الذي يدفعكم، وتحركوا بكل اتجاه ولا تجمدوا، وافتحوا الأبواب المغلقة بسواعدكم القوية، ولا تخافوا من المجهول ، فقد يقودكم المجهول إلى ساحات فسيحة وفضاءات جميلة ، وغامروا ولا تخافوا, فقدرة الشباب تكمن في المغامرة، ولتكن مغامراتكم عاقلة ومحسوبة، ولا تعتمدوا على المغامرة في كل خطوة ، فالمغامرات غادرة، وإذا نجحت مغامرتكم الاولى فلا تكرروا المغامرة لكيلا تخسروا ما ربحتم في جولتكم الأولى، والمغامرة سليمة لمن لا يملك ما يخسره ، ولا يغامر الإنسان بما يملك .. ولا شباب بغير حركة ونشاط ، فالشباب لا يعرفون الكسل واليأس والجمود والخوف والتردد، ومن شعر بشيء من هذا فقد وجدت الشيخوخة طريقها إليه، والشيخوخة المبكرة مرض نفسي تجب معالجته بمصاحبة الشباب من أولي الإرادة والعزم ، ومن صاحب الشيوخ فليأخذ منهم حكمتهم وتجربتهم , وليتمسك بخصائص الشباب في نفسه.. ولا خوف من تمرد الشباب ولا ثورتهم ولا اندفاعهم وليصبر الأب على تمرد أبنائه, فتمردهم على النظام الاجتماعي السائد هو تعبير صادق عن تطلعهم للأفضل.. وهذا منهج سليم في التعبير عن الذات, ومن تمرد وثار فهو خير ممن صبر واستسلم , والصبر ليس محموداً على الدوام إذا ارتبط بالضعف والاستسلام… وأدعو الشباب للإقدام والنشاط والحركة وكونوا أصحاب إرادةٍ وعزمٍ وطموحٍ, وانظروا إلى القمة كهدفٍ تتطلعون اليه ,ولا يتعبنّكم الصعود, فالحياة في القمم العالية أكثر جمالاً لأنكم تطلون منها على من يعيش في الأسفل , ولا تتعالوا على غيركم ممن هم أقل منكم كفاءةً ونشاطاً.. وخذوا بيد الضعفاء, وانهضوا بإرادتهم وهمتهم, ولا توقفوا نشاطكم قبل أن يفرض عليكم التوقف بسبب الشيخوخة والمرض, ولا تكونوا حكماء قبل أن يبتدئ سن الحكمة, فالشباب يحيا بالنشاط والطموح والعزم… واستيقظوا مبكراً وخذوا موقعكم في الصفوف الأولى ولا مكان لمن جاء متأخراً .. وليكن عصركم فخوراً بكم ولا تكونوا عالةً على عصر أسلافكم,وأغنوا تراث أمتكم بعملكم وفكركم وإضافاتكم, واتركوا لأبنائكم ثروةً من انجازاتكم لكي يفخروا بكم ..واغتنموا فترة شبابكم للبناء وشيدوا أفضل ما استطعتم قبل أن تتعبكم وعورة الطريق, فاتقوا الله فيما تفعلون وأحسنوا فيما تختارون.