االمجاهدة طريق الارتقاء

المجاهدة والارتقاء:

كان الشيخ يربط بين المجاهدة والرقي في عالم الكمال، فالمجاهدة هي أداة ذلك الارتقاء ووسيلته، وغاية الارتقاء هو معرفة الله، وهو الغاية المرجوة، وأول خطوة في ذلك الطريق هو التوبة عن المعاصي والآثام، وتبتدىء التوبة بمعرفة تُولِّد شعوراً بالندم، وألماً داخلياً، ويتولد الألم من الإحساس بارتكاب ما هو ناقص من السلوكيات، وهذا الشعور يحتاج إلى يقظة، فالغافل لا يشعر بذلك العالم، بل يعتاد ذلك السلوك ويجد لذته فيه، فإذا سمع كلمة الحق استجابت القلوب الصافية لذلك النداء وتأثرت به وسكن في أعماقها، فيولد الشعور بالندم على كل ما هو ناقص لأنَّ الأصل في الفطرة الصفاء والنقاء والطهارة، فإذا جاءت الظلمة طاردت النور وطوقته وحاصرته.

والندم الذي يولده العلم والحال الناتج عن العلم يورث التوبة، وهي الثمرة المرجوة.. والتوبة هي بداية الرقي والارتقاء، فالنفس عندما تتخفف من ذنوبها تتحرر من قيودها، فتشعر بالرقي الداخلي، لأنها تقترب من الكمال، والكمال هو مصدر السعادة الدائمة، وأعظم لذَّات النفس ارتقاؤها نحو الكمال، فإذا أحست النفس بكمالها كانت مهيئة لقبول الأوامر الإلهية بالفعل والترك، فهي طائعة لله، مسارعة لكل ما يرضي الله، وهذا الفريق من الناس هم الذين وصفهم الله تعال بقوله: {{ع94س4ش96ن1/س4ش96ن881} [النساء: 69].

هذه النفس عندما تحس بكمالها وتقبل على الله طائعة ساجدة تقوم بمهمتين:

الأولى:

المسارعة إلى أداء العبادات المفروضة عليها من غير تكلف ولا جهد، بل تجد سعادتها في ذلك، ولا يسعها إلا أن تقوم بذلك، وأداء العبادة هو تعبير ذاتي عفوي عن اعتراف الفطرة الإنسانية بالعبودية لله تعالى في الأزل في سؤال الله تعالى لها {{ع94س7ش271ن31/س7ش271ن441}.

الثانية:

التخلق بالخلق الحسن، من غير تكلف، لأنَّ الكمال ينافي الخُلق المذموم، فلا تألفه النفس ولا تميل إليه، ولو خُيِّرَت لاختارت الاستقامة والنزاهة والإيثار والصدق والأمانة، تلك صفات محمودة لذاتها، والنفس الكاملة تحبها وتشتاقها وتجد لذتها فيها.

( الزيارات : 1٬074 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *