اختلاف منهجي بلا تعصب

ختلاف منهجي بلا تعصب

……………………………….

لم نشغلني الخلافات المذهبية والطائفية ، وكتت اضيق بمن كانت تشغله ومن كان يتعصب لذلك ويعتبره من اهتماماته ، كنت انصت للجميع واحاول ان افهم كل فريق فيما ذهب اليه , وما ترجح له الصواب فيه ، كنت احترم الصادق الذي يبحث عن الحق ويقيم دليله عليه ، عندما ننصت للاخر نفهمه ولو كان مخالفا لما نحن فيه ، قد يكون على حق ، كنت اكره التشدد والتعصب الجاهل في المناقشات والحوارات ، واكره ذلك الاحتقان الخفى ، كان معياري الوحيد للتفاضل هوالتميز و الاستقامة والنزاهة والادب والتقوى ، لم اضق يوما بمن خالفني في الرأي بشرط ان يلتزم بادب الخلاف والنزاهة الفكرية ، لا احد لا يملك الدليل على ما ذهب عليه ولا يمكن مناقشة احد بقناعاته ، الادلة متعددة الدلالات وعندما تحترم روحية الحكم تتقارب الدلالات وتكون جامعة لما تباعد من الاحكام ، ما يراد من الحكم ان يحقق اغراضه المرجوة منه ، الخلافات حتمية في طرق التفكير ، وتكون مجرد افكار ترجيحية ، ثم تتباعد بالتقليد وتترسخ بالتعصب لها من العامةً ، كنت احترم الراي الاخر,  واحاول ان افهمه والتمس العذر لصاحبه ، ليس هناك حق مطلق ، وكنت احاول ان اكتشف الاصول الجامعة وز وهي كثيرة ، الانانية وحب الذات وحظوظ النفس ترسخ الخلافات الصغيرة الى درجة الكراهية , وبخاصة بين الصوفية ذات المنهجية الروحية , والسلفية المعتدلة ذات المنهج العلمي والسلفية المتشددة الحاقدة التي وصلت الى درجة التكفير لكل الاخرين  وازدراء الاخرين فيما ترجح لهم الحق فيه من الجهل وغياب الروحية الاسلامية ، كنت اجد لدي الاخر المخالف ما يبررله اختباره بشرط الا يجعل نفسه وصيا على الحق منفردا بفهمه  ، لا احد اولى بالفهم والحق من الاخر ، الحق ضالة والكل باحث عن ذلك الحق بالكيفية التي يراها لنفسه ، والاسلام هو هذا وذاك ، اليس الاسلام جامعا لكل المؤمنين به من كل المذاهب الاسلامية ، كنت ابحث عن نشأة المذاهب والطوائف من منطلق تاريخي لكي اكتشف الطريقة التي ينمو بها الفكر وتتسع افاق المعرفة الانسانية ، الاسلام واحد وكل مسلم يملك ما يملكه الاخر من الحقوق , وعليه ان يملك الحجة التي يبرر بها قناعته ، بشرط الا يخالف اصلا من اصول الاسلام ، ويجب ان لا تعنينا الخلافات التاريخية والا تشغلنا  حول الحكم ولا تفرق بيننا , ولا تؤدى الى تلك الطائفية التي تم توظيفها للمغالبات على الحكم والاستيلاء عليه بكل الوسائل وتسخير الدين لذلك ، وكنت افهم المذهبية الفقهية كظاهرة طبيعية ناتجة عن اسبابها الاجتماعية ، وادت الى ظهور مدرسة للرأي في العراق التي كان ابوحنيفة يمثلها ويضع منهجها القياسي في الاستنباط والفهم من خلا ل مجالسه الحوارية مع تلامذته الذين تأثروا به ، ومدرسة اخري للحديث في المدينة المنورة  ويضبط اصولها الامام مالك من خلال كتابه الموطأ الذي دافع به عن منهجته المعتمدة على السنة المروية وعمل اهل المدينة ، وانتقل هذا المنهج الى الغرب الاسلاي كله ، منهجان اصيلان لا بد منهما  ويلتقيان فى المقاصد الكلية ، وكل منهج يعبر عن حاجة مجتمعه ، وكان يجب ان تتواصل الرحلة العلمية والا تتوقف ، وحاول الامام الشافعي ان يجمع بين المنهجين معا ووضع اول كتاب فى الاصول لضبط المعايير التى تمنع الفوضى فى الاستدلال الفقهى ، وابتدا ت رحلة التدوين سريعة  بعد نهاية القرن الثاني ، وكان هناك ازدهار حقيقي وترسخت المذهبية الفقهية كمنهجية فكرية متماسكة وتلتقيان فى النهاية فى المقاصد الكلية ، واعقبها التقليد والتعصب والجمود ، كان الفقه ينمو بجهد كل جيل واضافته اليه ، وتوقف كل ذلك بسبب التقليد والتعصب وكراهية الاجتهاد بما يخالف ما عليه كل مذهب من الاراء الفقهية ، الفقه جهد العقول فيما ترجح لها الحق فيه من الاحكام في رحلة البحث عن العدا لة في الحقوق والسعة في المفاهيم بما تحترم فيه ارادة الله في احترام الحياة كحق من الله لكل عباده ، وكنت اردد باستمرار : الفقه الاسلامي ما كان من قبل وما سيكون من بعد ، وكنت اكرر هذه الكلمة في مجالسي العلمية ، والفقه الاسلامي يشمل كل ما استمد من الاصول الاسلامية من الاحكام التكليفية ، وليس هناك مذهب هو اولى بالحق من الاخر الا بدليل يرجح له الحق فيه ، لا شيء من الاحكام التي استمدت من النصوص الشرعية خارج هيكلية الفقه الاسلامي الكلية الجامعة ، ما كان حسن الدلالة ويحقق هدفا من اهداف الدين ومقاصده فيجب ان يحترم ، من احسن فيما ترجح له الصواب فيه فله اجره عند الله ، ومن اساء وظلم وتجاهل ما امر الله به من المقاصد فينسب اجتهاده اليه ، ولا يظلم ربك احدا .

……………………………………………………

( الزيارات : 176 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *