الافكار .. مكونات اساسية

الافكار : مكونات اساسية 

………………………………………

الفكر الانساني الناتج عن جهد العقول هو ثمرة لمكونات اساسية  تنتج ذلك الفكر وتعمل بطريقة متكاملة ومنسجمة ، وقد يكون تأثير احد هذه المكونات اقوى من الاخر وارسخ واكبر اثرا , ولكل انسان استعداده الذاتى الذى يميزه عن غيره , ويقع التفاضل فيه فى مدى تأثيره  ,

العامل الاول : القوة الغريزية ذات التكوين الفظري ، وهي قوة كمال فى الانسان  لاجل حماية الابدان وتلبية احتياجاتها الضرورية واهمها  طلب الغذاء ، وهذه القوة تولد في الانسان كاملة منذ ولادته ، ولا تستقيم الحياة بدونها ، واقواها القوة الشهوانية وهي طلب الاشياء التي يحتاجها البدن كالطعام والشراب ، انه يشتهيها بطريقة ملحة,  وهي التي تحركه للبحث عنها وتلبيتها ، الجائع يبحث عن طعامه في كل مكان يتوقع ان يجده فيه , ولا يعنيه كيف يحصل عليه ، ولو بالعدوان على الاخرين ، والجائع يعذر فيما يفعله ، ومن حقه ان يجد طعامه دفاعا عن حياته ، وهذا حق مشروع للانسان , ويجب ان يحترم كحق لصاحبه ,  ويلتمس لمن يبحث عنه  العذر فى طلبه  ، والحيوان يملك هذه القوة الشهوانية كالانسان تماما ، فاذا وجد ظعامه كان اليفا ومريحا ومسالما ككل الحيوانات الاليفةً التى تكفل الانسان بامرها  وتمكينها منه لكي تخدمه وتمكنه مما يحتاج اليه , والحيوانات الاليفة مسالمة  لاتعتدى ولو كانت تملك الاجسام القوية , وهي  في خدمة من يطعمها ويقوم بامرها ، ونجد هذا الوصف  في الخيول والاغنام والابقار وكل الحيوانات الاليفة التي تخدم الانسان والتي هي مسخرة له طعاما وركوبا وخدمة ، ومن طبيعة الحياة ان كل شيء فىها  من الاحياء يقيم علاقة صداقة  غريزية مع من يخدمه , وهي علاقة قائمة على المصالح المتبادلة ، والاقوى يسخر الاضعف له فى ظل هذه العلاقة ، وهناك من الحيوانات  من يتمرد ويقاوم ويبحث عن طعامه بنفسه معتمدا على قوته وما يملكه من اسبابها ، كل الاحياء يملكون القوة التي يدافعون بها عن انفسهم , لكي تخيفون بها  من يعتدي عليهم  ، وهناك القوة الغضبيةً الغريزية التي يدافع بها الانسان عن نفسه عندما يقع العدوان عليه في حق من حقوقه ، ومن حق المظلوم ان يدافع عن نفسه بما يوقف العدوان عليه ، والعنف هو نتيجة حتمية للشعور بالظلم والاضطهاد والحرمان ، كل المظلومين يحقدون على من ظلمهم ولو اخفوا ذلك الشعور فى داخلهم ، وعندما يشعرون بالضعف والاحباط يصبرون ويسامحون وقلما ينسون من ظلمهم واعتدى عليهم ، وعندما يتمكنون ممن ظلمهم سينتقمون لا محالة ، انهم يختارون الوقت المناسب للتعبير عن غضبهم المكبوت ،

العامل الثانى : التربية والتكوين في الطفولة التي توجه العقول وتتحكم فيما تراه وترجح لها ما نشات عليه من القيم التربوية المكتسبة من الاسرة والمجتمع  , والتربية ليست واحدة وتختلف بين اسرة واسرة  ومجتمع ومجتمع اخر  ، التربية تحكم سيطرتها على الافكار , وتوجه العقول لما نشات عليه , وتضع العقل الانسانى   ضمن الاطار المغلق الذي لا يستطيع الخروج منه  ، انه اسير ما تربى عليه مما هو مختزن في اللا وعي الذي يحركه ويزين له ما فيه هواه من الاستعدادات التي تربى عليها كقيم اساسية ، الارض الخصبة ستخرج ما زرع فيها لا محالة عندما تحترم القوانين الطبيعية التى احكم الله امرها ، ولن تخرج غير ذلك الا بجهد علمي تكتشف فيه تلك اسرار  تلك القوانين ، والعقول كالارض الخصبة ستخرج ما زرع فيها في ايام الطفولة من القيم والافكار والاستعدادات  ، ولن تخرج الارض الا ما زرع فيها ، والعقل لن ينتج غير ما زرع فيه من الافكار ، وسوف تكبر هذه الاغراس الى ان تصبح اشجارا باسقة ومثمرة ، كل الافكار هي ثمرة لما زرع في الطفولة من الاسباب المختزنة فى الذاكرة ، كم تحتفظ الذاكرة يالكثير مما في الطفولة من المواقف والانفعالات والاحداث ، لا شيء من العدم ابدا والعدم لا ينتج شيئا ، النفطة الصغيرة ستكبر مع الايام الى ان تصبح خطوطا مقروءة ذات دلالة ناطقة  ، ولا يمكن للعقل ان يخرج عن الاطار الذي نشأ فيه وتربى عليه ، وعندما يخرج عن ذلك الاطار قد تضطرب موازينه وًينهار,  ويضل طريقه ويبحث عن الطريق المستقيم فلا يجده ، افتحوا النوافذ رويدا رويدا لكي تدخل الشمس ويتجدد الهواء فى الغرف المغلقة  , ولا بد من ذلك لكي تكتسب الابدان مناعة وقوة تواجه بها الحياة ، كل فكر اتساني يجب ان يكون ثمرة مجتمعه بما هو عليه وبما يشغله من قضاياه ، وان يراعي خصوصيات ذلك المجتمع وعصره ، وان يطل من خلف النافذة الى الافق الانساني لكي يرى الحياة كما هي كحق مشروع لكل الاخرين , ولا احد اولى بالحياة من احد ، دعوا العقل يحلق في الفضاء الكوني الذي يتسع لكل العباد , وكلهم من آدم وآدم من تراب ، التعدد ظاهرة كونية يجب ان تحترم بكل مظاهرها الكونية ، لسنا وحدنا فى هذه الحياة ولسنا الاوصياء على الحياة ، وكل الاخرين شركاء في هذه الحياة بلا تمييز ولا تفريق الا بجهد صالح تحترم فيه الحقوق ، عقولنا هي جزء من خصوصبتنا الذاتبة التى نميز بها بين الخير والشر , ولا نملك ادعاء الحقيقة المطلقة التي انفرد  الله بعلمها ،

الاساس الثالث : الثقافة التكوينية  ذات التوجه المعرفى التى تسهم فى تكوين  الاطار الضيق الذي تعمل عقولنا من خلاله  وتتجه افكارنا للتعبير عنه وتشمل تلك كل تلك الثقافة التكوينية التي  نظل متها على تاريخ الانسانية وتراث الاجيال من المعارف والعلوم المختلفة ، وهذه المعارف  التى يمكن الحصول عليها عن طريق العلم  تخرجنا من الاطار الضيق المغلق الى الفضاء الانساني الذى نرى فيه كل ما يحيط بنا من تلك الوحدة الكونية المنسجمة التى يترك كل شيء فيها بامر الله لكي يتحقق بها الكمال   ، وكلما انسعت افاق هذه الثقافة التكوينية  اكتشف العقل انه جزء صغير في هذا الكون الفسيح كخلية تولد وتموت وتؤدي مهمتها من غير تجاوز لما هي مسخرة له لاجل استمرارية الحياةً ، الوعي الانساني بالحياة يجعل الحياة مسرحا متجددا بتعاقب الاجيال  يحكمه المكان ويميزه  الزمان ، الوعي بالحياة هوحقيقة  الحياة نفسها , واداة ذلك هو ذلك العقل الذي ينير ظلمة الحياة بذلك النور الالهي الذي امد الله العقل به لكي يختار الخير على الشر ، وهذا العقل بالرغم من تعدد مكوناته هو المخاطب من الله , وهو المكلف والمؤتمن على الحياة ان يحافظ عليها ويسعى لما فيه صلاحها من افعال الخير التي يعبر بها عن انسانيته المستخلفة على الارض ، وكل النظم والقوانين الوضعية هي مسؤولية انسانية وتخص كل مجتمع فيما يترجح له الصلاح فبه ، كل ما يراه اي مجتمع لنفسه من اوجه الصلاح فى النظم  الاجتماعية هو عمل صالح بشرط ان يجتنب فيه كل ما حرمه الله من الشرك بالله والطغيان في الحقوق وكل المظالم الناتجة عن ذلك الطغيان الذى الناتج عن الطبيعة الانسانية فى تطلعها الى الكمال , وتشمل المحرمات كل المنكرات في السلوك الاجتماعي ، تعالوا نحترم هذا التعدد في الحياة ونحترم ما يعنيه من اهمية التعايش الانساني والتساكن الضروري فى نطاق الاسرة الكونية الواحدة  المتكافلة والمتراحمة  المعبر عن احترام الحياة بكل تجلياتها الكونية ، ويجب ان يتوجه اهتمام كل جيل لما يصلح الحياة وينهض بها ، هذه مملكة الله التي احكم الله امرها بقوانين طبيعية عادلة لاخروج عنها ، وحرم فيها المظالم واوجه الطغيان وكل ما يفسد الحياة من المنكرات في السلوك الاجتماعي ، كنت اسجل هذه الافكار وانا اتأمل في جواب سؤال كان يتردد فى داخلى  : ما الذي يريده الله من عباده فى هذه الحياة ..

،

( الزيارات : 206 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *