اخوانسيد النبهان واداب السلوك

 

  إخوان الشيخ وآداب السلوك:

اشتهرت كلمة «الإخوان» كمصطلح يعبر عن اتباع الشيخ من الملتزمين بمنهجه، الذين يحرصون على حضور مجالسه ودروسه، ويلازمونه باستمرار، ويستشيرونه في أمورهم، وكلمة «إخوان الشيخ» تطلق على هذه الطائفة التي تسمى بالمريدين، وكلمة المريد هي المصطلح الذي يستعمله المربون، وكتب التصوف مليئة بالمصطلحات المشتقة من هذه اللفظة، وهي الورد والوارد والمريد والمراد وشروط المريد.

تعريف المريد وشروط السالك:

والمريد هو السالك الملتزم بالطريق، وهو الذي يحل الوارد في قلبه، بما يتضمنه من معان غيبية والوارد هو المعنى الذي يحل في القلب، أو ما يرد على القلب من أحوال، فتخلف وراءها حزناً أو فرحاً أو قبضاً أو بسطاً والورد هو الذكر الذي يلزم الشيخ به السالك لييقوم بأدائه كي يكون في حالة يقظة دائمة.

وهناك شروط للمريد لابد من الالتزام بها في السلوك، وأهمها الصدق في الإرادة، ومن علائم الصدق في المبدأ أن يكون مستعداً لسلوك الطريق بما يتضمنه ذلك من مشاق الطريق ووعورته ومجاهدة النفس وتحمل الشدائد والصبر على الابتلاءات والمحن والزهد في الدنيا والإعراض عما تطمع فيه النفوس، والإمساك عن الملذات والسيطرة على الشهوات، والتوبة عن كل سلوك خاطىء، ومصاحبة الأخيار من الناس، والالتزام مع المرشد الذي يقوم بدور التربية والإشراف وتقويم النفس وبعث الهمة.

وأهم صفة مذمومة في المريد هي ضعف الصدق في الإرادة، وعدم الصدق يقطع المريد عن متابعة الطريق، ومعظم السالكين ينقطعون عن السلوك لأسباب شتى، أهمها عدم قدرتهم على تحمل مشاق المجاهدة وعدم القدرة على فطم النفس عن الأهواء والملذات وسيطرة الغرائز على الإنسان.

وهناك أسباب أخرى تقطع المريد عن مواصلة السلوك وأهمُّها الغرور الذي يصيب المريد بسبب ما يحقِّقه من مجاهداته من أحوال تشعره بأنه قد تخطى حظوظ النفس وملذاتها فيدفعه ذلك إلى التعالي والتكبر والعجب، أو يدفعه ذلك إلى الانغماس في الملذات والبحث عن الشهوات، وأحياناً قد يصاب بحالات نفسية تعكر مزاجه، فيدفعه ذلك إلى سلوكيات التطرف والانفعال والتوتر، فيقسو على نفسه بمجاهدات مذمومة، أو بسلوكيات خاطئة وغير مقبولة فيتشدد في مواقفه وآرائه ويحرم على غيره ما هو مباح في الشرع.

وهذا كله مما يسيء للتصوف ويبعده عن حقيقة أهدافه، ويكون مطية لاستغلال العامة والانحراف بهم عن المنهج التربوي السليم.

ولابد في البداية من وجود مرشد كامل عرف أسرار الطريق ومسالكه ووديانه ومنعرجاته، ويقطع بالمريد مواطن الخطر، لكي يصل السالك إلى ربه، ملتزماً بأوامر الشرع وآدابه، مستبدلاً صفاته المذمومة بالمحمودة، تائباً عن كل سلوك محرم، متطلعاً إلى يقين يشعره بالسكون والطمأنينة ويبعده عن القلق والوساوس والأوهام.

والسلوك منهج للتصحيح والتقويم في مجال السلوك إلى الأفضل والأحسن والأكمل، والمجاهدة أداة لفطم النفوس عن الاستسلام للشهوات الغريزية، ومهمة المرشد أن يقوم بهذا الدور الإصلاحي، وأول ما يجب أن يتوفر فيه أن يكون صادق اللهجة مستقيم السلوك ملتزماً بأوامر الشريعة عالماً بأمور الدين، ممسكاً عن المعاصي، زاهداً فيما هو في أيدي الناس، غير طامع ولا حاقد ولا حاسد، يرعى حقوق الله، ويحافظ على أسرار الخلق.

وأهم ما يجب أن يتحقق فيه المريد أن يشعر بصفة العبدية لله تعالى بالافتقار إليه، فإذا تحقق بهذه العبدية تحرر من كل شعور بالخوف من الخلق، فالله هو مسبب الأسباب وخالقها ولا سلطة للعبد في ذلك مهما ارتقت مكانته، فعباد الله تعالى سواء في منزلتهم الاجتماعية ويتفاضلون بعمل الصالحات، ولا يتفاضلون بمال يملكه فريق أو سلطة يستبد بها حاكم أو مكانة يختلسها صاحب جاه ونفوذ يفاخر بها المستضعفين.

المبحث الثالث

( الزيارات : 1٬427 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *