اسس التصور الاسلامى

 اسس التصور الاسلامي للحياة

…………………….

كم نحتاج الى فهم اسس التصور الاسلامي للحياة, ويستمد ذلك التصور من كتاب الله وبيان رسوله الامين ومنهج عصر النبوة كما شهده اصحابه الكرام الذين فهموا هذا المنهج الايماني بكل دلالاته وتطبيقاته وروحيته ، ويعتمد هذا التصور على اربعةً اسس رئيسية  ، ولكل منها تطبيقاته الفرعية التي خوطب بها العقل المكلف  بفهمها بما تحترم فيه  روحية الرسالة ،

الاساس الاول : المنطلق الايماني لفهم الحياة انها من خلق الله الواحد الاحد الذي لا شريك له ، والايمان برسله فيما ارسلوا به من ربهم ، ومحمد صلى الله عليه وسلم هو خاتم الرسل , والاسلام خاتم الاديان الذي اكمل الله به رسالته , وخاطب به الانسان وجعله مؤتمنا عليها ، ولا احد مع الله في خلق او تدبير ، وكل شيء في الوجود من خلق الله وبحكمته وتدبيره ، ولا يعبد في الارض الا الله ولا يستعان الا به ، ويعبد الله بالكيفيةً التي عبده فيها رسوله الكريم كما وردت عنه ،

الاساس الثاني : احترام الاسرة كمنهج انساني لتعاقب الاجيال يعتمد على التعاقد الارادي الذي لا اكراه فيه في كل ما يترتب على ذلك من الحقوق في تقاسم الاعباء ، وتحمل المسؤوليات عن انجاب الاولاد تربية ورعاية بما تتحقق به العدالة وتعبر عن رقي الانسان في ضبط غريزته والتحكم في شهواته ، وكل مجتمع مكلف بان يضبط هذه الحقوق الاسرية بما تحترم فيه العدالة ويتحقق الاستقرار الاسري بالكيفية التي تحترم فيه روحية الاحكام التي امر الله ورسوله بها ، ومن حق كل مجتمع ان يضع نظامه الاسري الذي تحترم فيه الاصول والمفاصد الاسلاميةً وتحترم فيه ارادة الانسان  فيما يختار لنفسه ، و فقه الاسرة هو اهم ما يجب الاهتمام به للحفاظ على كيان الاسرة المهدد بالتفكك والفوضى التي تسهم في شقاء الانسان وانحداره الاخلاقي ، والدين بقيمه واحكامه هو الحصن الاهم لكيان الاسرة  بما هو عليه من التماسك واتكافل والتراحم ..

الاساس الثالث : احترام الحياة بكل اسبابها المعاشية كحق لكل عباد الله من غير تمييز بينهم في حق الحياة وكرامة الانسان ، وهذه هي روحية الاقتصاد الاسلامي التي تعتمد على  قاعدتين : القاعدة الاولى : الناس شركاء فيما ارتبطت حياتهم به من الاسباب المعاشية ، وقد تكفل الله برزق عباده وسخر لهم ما يكفيهم مما في الارض ، وتوزع بعدالة بينهم ، لا انانية ولا فردية ولا اغتصاب لحق ولا اكتناز لمال ، ويحمل القوي الضعيف ويتكفل الغني بالفقير كحق من الله لا منة فيه ولا تردد ، وقد اقترنت كلمة الزكاة بالصلاة كعبادة مفروضة يتقرب بها الى الله ، والزكاة هي حق الفقير والمسكين والعاجز واليتيم وكل محتاج لكيلا يكون هناك جائع او محروم ، ولا يستثني من الزكاة الا ما كان للاستعمال الشخصي المعتاد في مجتمعه ، ولا يعفى من الزكاة ما كان من اوجه الترف المعبر عن السفه  الجاهل ، وتجبى اموال الزكاة بسلطة الدولة , وهي التي تتولى امر توزيعها لمن يستحقها بكيفية عادلة  كحقوق لامنة فيها ولا اذلال ، واهم ما في الزكاة ان تصرف في مصارفها المعتادة ، ويجب منع العبث في مال الزكاة والفوضي فى توزيعها ، والقاعدة الثانية : تحريم اكل اموال الناس بالباطل عن طريق الاستغلال والاحتكار والمظالم في الحقوق وانتقاص الاجور والارباح الفاحشة ، ولا شرعية لكسب ناتج عن الاستغلال لانتفاء  العدالة فيه ، وارى ان ذلك من الربويات الجديدة الاكثر ظلما واستغلالا من الربا الجاهلي الذي حرمه الله ، وقد بينت ذلك ، وشرحت قناعتي في كل ذلك في الدروس التي القيتها في مجالس الدروس الحسنية امام الملك الحسن الثاني رحمه الله عن الاقتصاد الاسلامي ، الاقتصاد الاسلامي ليس هو الذي يحمل شعار الاسلام ، ويتجاهل روحيته التكافلية ذات البعد الانساني ، وانما هو الاقتصاد الذي تحترم فيه تلك الروحية الاسلامية في تحريم المظالم والاحتكارات والغصوبات والامتيازات واستغلال حاجة المحتاجين وضعف المستضعفين الذين يعانون من الظلم والحرمان ، اقتصاد الاسلام هو الذي لايجوع فيه ضعيف ولا يحرم فيه مسكين ، ولا تكبر فيه الثروات ظلما ولا ترسخ فيه الطبقية الاجتماعية التي يستذل فيها االمستضعف والمحروم ، البنوك الاسلامية ليست هي التي يستبدل بها نظام فاسد بنظام آخر تستغل فيه حاجة الانسان ، وتكبر به الثروات بالاستغلال ويترسخ به طغيان الاثرياء ويزداد جشعهم ، ليس هذا ما يريده الاسلام ، البنوك الاسلامية التي نتطلع اليها هي التي تساعد الضعيف وتقرض المسكين وتطعم الجائع واليتيم ، وتخفف من تمركز الاموال وتكديس الثروات بايدي المكتنزين الفاسدين ، ما ثبت الظلم فيه والاستغلال من النظم الاقتصادية لا ينسب الى الاسلام ، ولا يحمل هويته ولا يستغل فيه اسم الاسلام

الاساس الرابع : امر كل مجتمع في كل ما يخصه شورى بين افراد ذلك المجتمع  فيما يترجح لهم الصلاح فيه ، ومن حق كل مجتمع ان يضع نظامه الاجتماعي بطريقة توافقية تحتر م فيه ارادة كل مجتمع فيما يختاره لنفسه ، لا وصاية لقوي على ضعيف ، ولا تبعية تخل بالعدالة والكرامة ، لا استبداد بحكم عن طريق القوة ، ولا شرعية للسلطة الناتجة عن الاستيلاء والغلبة ، ويرجع لاهل الاختصاص فيما كان من امرهم ، وليست هناك سلطة مطلقة ابدا ، ولا شرعية لسلطة الا بالتفويض الارادي المتجدد والمقيد والمشروط باحترام العدالة والنزاهة ، وتحترم المواثيق التعاقدية التي يضعها كل مجتمع لنفسه بارادته المطلقة ، العدالة منهج للحكم امر الله به ، ويجب ان يحترم في كل الحقوق بين العباد ، والقضاء فوق السلطات التنفيذية ، ومهمة القضاء ان يرفع الظلم عن المظلومين في كل مكان ، والعدالة عدالتان : عدالة يضبطها القانون ، وقلما تكون عادلة ، وهناك عدالة الهية تحترم فيها الحياة لكل انسان ، ولا يحرم فيها احد من طعامه ولا من كرامته,  ولو كان فقيرا معدما ، ليس من الاسلام كل ما يسهم في ظلم الانسان لاخيه الانسان تحت شعار العدالة القانونية التي تكرس الطبقية الاجتماعية وتشجع العنف الناتج عن الشعور بالظلم ، حرروا مفاهيم العدالة من قبضة الطغيان ، لكي يتحقق السلم الاجتماعي ، وتكون كلمة الله هي العليا في الارض باحترام الحياة في كل مطالبها المشروعة ،..

( الزيارات : 213 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *