الادب مع الله

 

 

علمتني الحياة

أن الإنسان يجب أن يكون أديباً مع الله تعالى ، وألا يتدخل في شؤون الخلق ، فهذه مملكة الله ، والخلق كلهم عبيده يتنافسون ، ويتصارعون ، ويؤمنون ويكفرون ، ولا شيء في الكون إلا بأمر الله ، فلماذا يشغل الإنسان نفسه بشؤون الخلق  ، ويحكم عليهم بالجنة والنار ؟ أليس الأجدر بالإنسان أن يشغل نفسه بما يعينه وبما كلف به؟ فربما من تراه صغيراً يكون كبيراً عند الله ، وربما من تراه كبيراً قد يكون صغيراً ، والإنسان لا يدري ما في قلوب العباد ، والله هو موجّه القلوب ومحركها ، فلماذا نشغل أنفسنا بما لم نكلّف به 00000

لقد أمرنا بالطاعة ونهينا عن المعصية ، وعلينا الامتثال لأمر الله ، ولا نملك إلا أن ندعو الله لكي يتقبل منا ما عملنا من الطاعات وصالح الأعمال ، وأن يغفر لنا ما تقدم من ذنبنا وما تأخر ، وأن يشرح قلوبنا لما يحبه لنا من أفعال الخير ، وأن تكون خالصة لله .

وينبغي أن نلتمس للناس العذر فيما هم فيه ، وألا نجعل أنفسنا أوصياء على الخلق فيما يختارون ، وأن نحترم الإنسان حيث كان ، ولو كان مخالفاً لنا في العقيدة والدين ، فلا إكراه في الدين ، ولا إساءة لأحد ، والدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة ، ومن عمل صالحاً فله أجره عند الله ، ومن أساء وضلّ الطريق فالله يحاسبه ، وهو أرحم بخلقه وهو العالم بما تنطوي عليه نفوسهم .

ومن الأدب مع الله تعالى أن نرضى بما قدره الله لنا ، وألا نضيق بالمصاعب والأزمات والأمراض ، فإن فعلنا ذلك حَمَل الله عنّا أعباء ما نشعر به من آلام وأعاننا على تحمل الابتلاءات ولو كانت قاسية ، فالله ارحم بنا من أنفسنا ، والابتلاءات تردنا إلى الله وتوقظنا من الغفلة ، وتشعرنا بضعفنا وذلنا وفقرنا ، ونتحقق بصفة العبدية لله تعالى وهذه من خصائص المقربين الذين يسلمون أمرهم لله تعالى ، والأخذ بالأسباب الظاهرة لا يتنافى مع هذه الصفة ، فالشريعة تأمر بهذا والحقيقة تقتضي التسليم .وهذه درجات سلوكية ومراتب ذوقية لا يدركها إلا من عاشها وصفت نفسه بها ، ولا يكون في الوجود إلا ما أراده خالق الوجود بحكمته 000

ومن أحب الله ارتقت مداركه وسمت عواطفه ، وازداد أنسه بالله واستوحش من الخلق ، والتمس العذر للناس فيما هم فيه ، ولا يكمل الكون إلا بكل ما هو موجود فيه ، والبحث في الغيبيات جهل في الدين وابتعاد عن منهج المؤمنين والصالحين ..

( الزيارات : 2٬780 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *