تمن الطمع ..وكرامة الزهد


 

                             

                           

 

علمتني الحياة

أنّ كل طامع في شيء عليه أن يحني رأسه لمن يطمع فيه ، وأن من أراد أن لا يحني رأسه فعليه أن يزهد فيما بأيدي الناس ، فمن طمع في المال عليه أن يحني رأسه لمن يعطيه المال .  ومن أراد السلطة فعليه أن يحني رأسه لمن يمنحه السلطة ، وأن من طمع في الجاه فعليه أن يحني رأسه لمن يمنحه الجاه ، ومن زهد فيما عند الناس فهو سيدٌ حرٌّ قويّ ، يفرض احترامه على كل الآخرين ، فلا يخضع لأحد من هؤلاء ، يرى نفسه قوياً وهم يرونه كبيراً ولا يكبر الإنسان في عيون الآخرين إلا بعفته واستغنائه عن الناس فهو الغني ،وهذا هو الغني حقاً ، فمن استغنى عن الناس فهو الغني ، ومن شعر بحاجته لأحد فهو  الفقير ولو كان يملك القصور والأموال 0

لاشيء كالزهد فيما عند الآخرين يشعرك بالكرامة والقوة ، ويرفع شأنك ، ولا شيء كالطمع يذل صاحبه ويضعفه ويجعله صغيراً في أعين الآخرين 0والزاهد ليس هو من يتظاهر بالزهد أمام الآخرين وقلبه معلق بما في أيديهم مما يطمع فيه ، فذلك زهد مكذوب سرعان ما ينكشف أمره وتفتضح نيته ، ولكن الزهد الحقيقي هو أن تزهد زهداً حقيقيا بما في أيدي الآخرين ، فلا يخطر ببالك ما يملكون ، ولا يلتفت قلبك إلى ما بأيدهم وقلّ من الرجال من يخرج الله من قلبه حب الدنيا ، فلا يتعلق بها ذلك التعلق المذموم الذي يذل الطامعين ولو كانوا كباراً ، ولا يمكن لطامع أن يكون قوياً ، فالطمع مذل لصاحبه والمطموع فيه يرى ملامح الطمع فيعلو ويستكبر ويسخر ممن يطمع فيه ، والطامع مسخر لخدمة الدنيا ، والزاهد تسخر له الدنيا ، ولا يشعر بها ، من استغنى بالله عن الناس زهد فيما عند الناس ، لأنه يرى أن الله هو الغني وهو الرزاق وهو الذي يعطي ، ولا يرى العطاء من غير الله ، فلا يطمع في أحد أبداً ، وصل على هذه المرتبة فقد تحقق بصفة العبودية لله تعالى وهذه درجة عالية لا يصل إليها إلا من أكرم الله بالرعاية 00

ومن شهد أن كلّ ما في الكون لا يكون إلا بأمر الله وأن كلّ حركة في الوجود إنما تكون بأمر الله ، وأن الإنسان ما هو إلا أداة بيد الله ، وأن القلوب يحركها الله متى شاء وبالأمر الذي يشاء فقد بلغ مرتبة التوحيد 00 فليس في الكون إلا الله ، ويتجلى الله في كل شيء في مملكته 00ولا وجود لشيء إلا بالله..

( الزيارات : 731 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *