الثقة بعدالة الدين

 

 

علمتني الحياة

أن أثق بالدين وأن أطمئن إلى عدالة أحكامه وإنسانية مبادئه وألا أثق بمن يتكلم باسم الدين ويدعي العلم به ويعلن عن غيرته عليه , وبعض هؤلاء – وبخاصّة ممن لم يتخلقوا بخلق الدين – يسيئون للدين من حيث لا يعلمون , ويقدمون صورة للدين بعيدة عن روحه وأخلاقياته , فالدين يدعو للفضائل والأخلاق الحسنة والسماحة والأدب وطهارة القلوب من الأحقاد والأطماع وسيّء الطباع والرحمة والمحبة والثقة بالإنسان والبعد عن الآثام والكذب والإساءة للناس , وبعض هؤلاء يقدم صورة سيئة منفرة للدين ضيقة الأفق تدعو للكراهية وسوء الظن بالناس والتشكيك في كل سلوك يخالف ما ألِفوه من العادات , وتستمد صورة الدين من مصادره الأصيلة القرآن الكريم والسيرة النبوية الشريفة , ولا تستمد من بعض الحكايات التاريخية التي تروى مشوهة عن بعض الصالحين وما يروى يحتاج إلى توثيق وتدقيق , لكيلا يُنسب إلى الدين ما ليس منه ويناقض روحه ومبادئه , والجهل بحقيقة الدين يقود إلى الإساءة للدين , فلا يُحتجّ بالدين لتبرير أفعال خاطئة ولا يحتج بالدين لظلم أحد أو للتضييق على الناس في آرائهم وأفكارهم وما اختاروه لأنفسهم من العادات والتقاليد التي لا تتناقض مع أحكام الدين , ولا يضيق الدين بما يختاره المجتمع لنفسه من الجديد الذي يحقق له مصالحه وينهض بمستواه في السلوكيات الاجتماعية والمعاملات الاقتصادية والاختيارات السياسية والإدارية ..

والتجديد مطلوب في كل شيء , ولا يُمنع الجديد لجدته , وإنما يمنع الجديد الفاسد الضار لفساده وضرره, ومن حقّ كل جيل أن يختار لنفسه أسلوب الحياة التي يراها محققة لمصالحه وتسهم في توفير أسباب النهوض , وليس هناك ما يمنعنا من اقتباس الجديد المفيد من غيرنا , فتراث الإنسانية تراث مشترك , ولا يمكن لأحد أن يدعي امتلاكه لهذا التراث , وليس كلّ ما أخذ به سيئاً و مرفوضاً ومذموماً ويجب أن نستفيد من  تجربة الحضارة المعاصرة ومن علمها ومن منهاجها ومن كلّ ما هو إيجابي ونافع في حياة تلك المجتمعات لا رغبة في التقليد ولكن لرغبتنا فى اقتباس المفيد لنا وبخاصة فيما يتعلق بالفكر السياسي والتجارب الديمقراطية والدستور والانتخابات وضوابط السلطة والرقابة الإدارية وحماية الأموال العامة واحترام إرادة الشعوب فيما تختاره لنفسها من الأنظمة والقوانين .

( الزيارات : 1٬184 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *