الارض لمن يعمل فيها وهي ملك لمجتمعها

كلمات مضيئة..لا تجاوز لقيمة العمل

الرزق من الله والله تعالى قد تكفل بعباده ان يرزهم بما يكفيهم من اسباب الحياة , ولكل انسان رزقه مما خلقه الله للانسان مما هو فى الطبيعة فى البر والبحر ومافى الكون من طاقات وامكانات , ذلك الرزق يقسم بين الناس بما يكفيهم ولا احد ينفرد بحق هو لكل الناس ولا احد يحرم من رزق الله,  ومهمة الانسان ان يوزع ذلك الرزق بمعايير عادلة لا ظلم فيها ولا جور , كل ما فى الطبيعة هو لكل الناس , ولكل انسان قيمة عمله وهو كسبه المشروع الذى يحق له تملكه , وينفقه من غير تجاوز لما جرت العادة ان يكون الانفاق عليه من غير  اسراف ولا تقتير , والانسان ينفق مما كسبه ويتصدق ولا يكتنزما يعطل به دور المال فى مجتمعه ولا يبالغ فى جمع المال لكيلا يكون المال دولة بين الاقوياء والاغنياء من اصحاب الجاه الاجتماعى , الترف ليس محمودا لانه يفسد النفوس ويشعرها بالتميز والاستعلاء , ويستفز نفوس المستضعفين الذين يحتاجون لما يكفيهم  ولا يجدون ما ينفقون , والكسب كما قال ابن خلدون يحصل عليه صاحبه بطرق اربعة الفلاحة والتجارة والصناعة وهي طرق طبيعية للكسب,  ويختلف كل سبب عن الاخر بحسب حاجة مجتمعه اليه , وهناك طريق رابعة  للكسب هي الامارة , وقال عنها  ابن خلدون انها ليست هي الطريق الطبيعية للكسب , وهي نوعان الاول هم الاعوان الذين يشتغلون فى خدمة الدولة,  ويشمل كل الموظفين والعاملين فى الدولة , ويرى ابن خلدون ان عملهم ليس منتجا اي لا يضيف شيئا , واليوم تغيرت المفاهيم واصبحت الدولة تحتاج لتلك الطبقة الذين يعملون فى خدمة مجتمعهم كالمعلمين والمهندسين وكل الذين يعملون فى مختلف المهمات الخدمية , وعمل هؤلاء ولولم يكن منتجا فلا يمكن الاستغناء عنه , اما الطبقة الثانية التى تكلم عنها فهم اهل الجاه والسلطة,   وهؤلاء يكتسبون المال بقوة نفوذهم وهم مخدومون , وهؤلاء لا يدفعون قيم اعمالهم كما يفقل غيرهم ممن لا يملكون ذلك الجاه والسلطة , ويعتبر ابن خلدون ان الفلاحة هي السبب الاول للانتاج لان الفلاحة تضيف الانتاج الذى لم يكن موجودا الا ان العاملين فى الفلاحة مستذلون ومستضعفون ولا يحصلون على قيمة اعمالهم الا بمشقة , اما التجارة فهي لاتضيف ايضا الجديد وتعتمد على التحيلات والمبادلات والخدمات , وقال عن التجارة بان اعتمادهم على المكايسات والتحيلات وهم يحرصون على الارباح ويكثرون من الايمان والغش والخداع لاقناع المشترين ببضاعتهم ولذلك فان اهل المروؤة لا يعملون فى التجارة ويرفضون ان يقوموا بما يقوم به التجار من اعمال منا فية لخلق اهل المروءة , اما اهل الصناعة ويريد بها اهل الصنائع فان الصناعة تحتاج الى علم وفكر وملكة وموهبة , والصنائع لا تزهر الا فى ظل العمران وفى مراحل استقرار الدول لان الناس فى ظل الاستقرار يكسبون اكثر لان حياة الترف تزداد فى ظل العمران وتتوجه النفوس الى التأنق فى نمط الحياة ويتجهون لبناء القصور وزخرفتها وتكثر الصنائع فى كل المهن , وكلما ازدهر المجتمع زاد انفاقه والانفاق يضاعف اساب العمل والكسب ..

تاملت طويلا فيما كتبه ابن خلدون معبرا فى ذلك عن عصره ومجتمعه واصفا احواله ومعاييره , ومما تكلم فيه هو تحديد قيمة العمل , واهم سبب له هو حاجة المجتمع الى ذلك العمل كما تحدث عن ندرة ذلك العمل , هناك اشارات مهمة تحتاج الى بيان , ما قيمة الكسب والاجور , ما اشد شقاء العاملين فى الفلاحة وهم اهم المنتجين ولكنهم لا يملكون قيمة اعمالهم , عندما يجد الفلاح من يدافع عنه فلن يظلم فى اجر ابدا , وهذا هو شأن كل المستضعفين من الماجورين , لا بد من التوزيع العادل للثروات,  ولا بد من وضع ضوابط عادلة تمنع الاحتكار والاستغلال وكل استخدام لسلطة المال فى المعاملات , لا منافسة فى ظل الاقوياء والضعفاء , كل المنافسات اذا لم تكن عادلة فى البداية فلا يمكن ان تكون عادلة فى النهاية , اخلاقية الكسب الا يكون فيه جور ولا ظلم ولا احتكار ولا استغلال , وكل المستضعفين معانون , ومهمة القانون ان يحميهم من قبضة المال فذلك طغيان وظلم , عندما تكون قيم الاعمال عادلة فلن تكبر الثروات , لا بد من ضبط الارباح وانواع الكسب والاستهلاك ومنع سلوكيات الترف واحترام مشاعر المحرومين , كل حرية مقيدة بمصالح مجتمعها وكل الحقوق مشروعة بان تحقق اهدافها الاجتماعة , لا ملكية فردية تهدد مجتمعها او تستفزه بطغيانها وانانيتها , الحرية الفردية هي حرية الاقوياء وهي تؤدى لامحالة الى ظلم كل المستضعفين , التوزيع العادل للثروات هو الطريق الى السلام الاجتماعى , فى عصر المجاعات فالثروات توزع على الجميع بعدالة تضمن الكفاية لكل جائع ان ياكل ويجد حاجته وكرامته , لا ملكية لما اراده الله ان يكون مصدرا لرزق العباد , فماكان مباحا فى الاساس فلا يقع تملكه , ومن يعمل فيه فله قيمة كسبه , ولا ياخذ اكثر من حاجته , ماكان لكل الناس فملكيته جماعية كالبحر والارض وكل ما فى الطبيعة من الطاقات والانهار وما فى باطن الارض مما اختزن فيها من ثروات الكون ,كل هذا كان ملكا للانسان فلا يقع تملكه , وهو ملك لكل مجتمعه فمن عمل فيه فله قيمة جهده ,  المجتمع الانسانى اسرة واحدة يتوارثون ما اعده الله لهم ولا احد ينفرد بما هو حق للجميع , الحياة الانسانية اما ان تكون لكل الخلق وهم متساوون اولاتكون , رسالة الاديان واحدة وان اختلفت مجتمعاتها,  وخطاب الله لكل عباده , والعقل هو اداة الانسان لحسن الفهم عن الله فيما يريد فاذا تحكمت الرغبات الانانية من الانسان انطفأ نور العقل وتعطلت قدراته , ومن طال ليله انس ظلامه ..   

( الزيارات : 547 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *