الازمة العالمية..وعدالة توزيع الثروة

ل

هناك أزمةٌ ماليةٌ عالميةٌ , وتهدد المجتمع الإنساني , وأهمّ آثارها البطالة والكساد وانهيار أسواق الأسهم وضياع الثروات وتوقف المصانع عن الإنتاج , وما زالت الأزمة في بدايتها , ولا أظنُّ أنها ستنتهي قريباً , وإذا انتهت فسوف تتجدد , ويجب إعادة النظر في النظام العالمي الاقتصاديّ , وصياغة نظام اقتصادي جديد أكثر عدالة , ويُراعى فيه مصالح الشعوب الفقيرة , ويتوقف فيه ذلك التسابق في الإنتاج لتحقيق الأرباح على حساب الشعوب الفقيرة ..!

لا يمكن للشعوب الفقيرة أن تكون سوقاً لإنتاج الدول الكبرى والشركات الاحتكارية , لتحقيق الربح , وإقامة مجتمعات الرفاه , ويجب أن يتجه الإقتصاد لإنتاج ما تحتاج إليه المجتمعات من المواد الضروريّة , فالإنتاج لخدمة الإنسان وتوفير أسباب الحياة له , وليس الإنسان في خدمة الإنتاج , فلا حاجة لإنتاج ما لا يحتاج إليه الإنسان من الكماليّات في الوقت الذي يعاني فيه الاقتصاد العالميُّ من الكساد , وعندما نضع نظاماً اقتصادياً لخدمة الإنسان فإنّنا نضمن نجاح هذا الاقتصاد , ولا يمكن إقرار نظام اقتصادي لخدمة الطبقة المترفة لتحقيق أرباحٍ فاحشةٍ على حساب المستهلكين الفقراء , ولا حلَّ لهذه الأزمة إلا باقتصاد عادل وإنتاج مفيد , وإننا نستهلك ما نحتاج إليه وبالمقدار الذي نحتاج إليه ولا نستهلك لكي نشجع المصانع على زيادة إنتاجها , فما حاجة المجتمع إلى إنتاج سلع لا يحتاجها ,وماالمبرر لإقناع الشعوب باستهلاكها ودفع أثمانها ..

والآلات الحديثة ستلغي العامل وسوف تزيد من ظاهرة البطالة , والبطالة ستهدّد الأمن الاجتماعي , وإنَّ هذه الثروات الفاحشة هي نتيجة احتكارات لسلعٍ ضروريةٍ , واستغلال لحاجة الشعوب , وهذه ثروات ظالمة ولو أقرّها القانون , فلا يمكن لثروة أن تنمو نمواً سريعاً قي ظلِّ القوانين العادلة , فالثروة التي تنمو في الظلام لا تعتبر ثروة شرعيّة ولا يجوز إقرارها , وكلّ ثروة نمت في ظلِّ الاحتيال على القانون يجب أن تصادر وأن تمنع وأن يعاقب مالكها , كتجارة السلاح ومصانع إنتاج هذا السلاح وتجارة المخدرات والمضاربات غير المشروعة في الأسهم والمعادن والذهب ، والتي يتحكم فيها الأقوياء لتحقيق الأرباح الفاحشة .. وهناك خيارٌ واحدٌ ، إما  الإصلاح أو الانهيار ، ولا إصلاح بغير العدالة ومراعاة الشعوب الضعيفة ، والتصدي للاحتكارات الاقتصادية المدعومة من الأنظمة السياسية ..

وعالمنا العربي سيدفع ثمن صراعاته الداخلية ، وانقساماته وخضوعه لما يملى عليه من مواقف خضوع ، وسيفقد الكثير من ثرواته ثمناً لحماية الأنظمة السياسية ، ولا بقاء لعالمنا العربي إلا بوحدته ووحدة مواقفه ، وصياغة مشروعه القومي الواحد الذي يحمي مصالحه القومية ويحافظ على ثرواته الوطنية, والتركيز على التنمية الداخلية والتعاون مع محيطه الإقليمي لتكوين كتلة قوية تدافع عن حقوقها في مواجهة التحديات الخارجية .

( الزيارات : 1٬196 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *