خيار القوة والوحدة

لا يمكننا تجاهل الواقع الذي نعيش فيه ، فنحن جزءٌ من العالم ، ولسنا العالم كلّه ، ولا يمكننا اختيار سياسة الانعزال ، ولا سياسة العداء للغير ، ولا أن نفرض اختيارنا على الآخرين ، ونحن الأكثر تخلفاً وضعفاً ، فما زالت الأميّة منتشرة في بلادنا ، وأنظمتنا السياسيّة تعاني من الترهل والضعف ، ودساتيرنا لا تحظى باحترام شعوبنا ، ومعظم حكامنا يعتقدون أنّهم مالكون لشعوبهم ، والثقة مفقودة بين الشعوب والأنظمة السياسية ، وبأسنا شديدٌ فيما بيننا  في كلّ موقف ، ولا يثق بعضنا بالبعض الآخر..

ونحن اليوم نحتاج إلى الوحدة ، ولا أقول الوحدة السياسية التي تلغي الكيانات القائمة ، فذلك أملٌ بعيدٌ ، ولا أحد يمكنه التخلي عن كرسيه ، ولكن أقول إننا نحتاج إلى اختيار شكلٍ من أشكال الوحدة أو الاتحاد مع الاحتفاظ بمقومات كلّ دولة ، وثرواتها وسلطانها المطلق على أرضها  وكلّ خصوصيتها الذاتية ، والوحدة المطلوبة هي وحدة المواقف والسياسات للدفاع عن المصالح المشتركة للجميع ، وندعو إلى نظامٍ عربيٍ قادر على التفاوض والحوار مع الآخر لا لكي نكون الأقوى ، ولكن لكيلا  نكون الطرف الأضعف الذي يقع ابتزازه وتخويفه وتهديده..

ولا ينبغي أن نصدق ما نراه في الأعلام من احترام دولنا ومراعاة حكامنا ، فلا هيبة لمستضعف ، والتحالف الغربي يحقد علينا ويطمع فينا ويسخر من واقعنا ، وهو معنا ما دمنا نرضخ لسياساته في بلادنا ، وهو عدونا إذا خالفناه في أمرٍ أو دافعنا عن مصالحنا بصلابة أو قاومنا نفوذه..

 لا ثقة بالغرب وإن أظهروا الودّ والاحترام ، وهم لا يتورعون عن القيام بأيِّ عمل إرهابي وعسكري ضدّ كلّ دولة عربية أو رئيس عربي أو شعب عربي وقفت في وجه سياستهم أو انتقدت مواقفهم..

 ولا خيار لنا إلا خيار القوة ، لا لأجل المواجهة العسكرية مع الغرب ، ولكن لأجل عدالة المفاوضات المرتبطة بالحقوق ، ولكي لا نقدم التنازلات المذلة ، وما تدفعه أمتنا اليوم من الجزية للغرب أكبر بكثيرٍ مما كان يدفعه أسلافنا من ملوك الطوائف في الأندلس ، ولابدَّ من إعادة النَّظر في واقعنا العربي ، والتفكير في إنشاء هياكلّ وحدو ية أو اتحادية لا تلغي خصوصيات كلّ دولة ، وإنَّما تلغي الخلافات والنزاعات والصراعات ، وتوحد المواقف ، وتوقف ذلك الابتزاز المستمر للثروة العربية بصفقات السلاح والتخويف المستمر من أخطار الجيران ، لإنشاء مشاريع وهميّة دفاعيّة لا تحتاج إليها مجتمعاتنا,وغايتها التحكم فى المواقف والسيطرة على الثروات…

( الزيارات : 721 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *