بين القديم والجديد..ما ذا نختار

يعتقد معظم الناس وبخاصة في المجتمعات المحافظة أن كلّ قديمٍ حسنٌ وجيدٌ وأن كلّ جديدٍ سيئٌ وفاسدٌ ، وأن الأقدمين كانوا أكثر التزاماً بالفضيلة ومكارم الأخلاق وأن المجتمعات المعاصرة هي أكثر فساداً وهي أبعد عن الفضائل ومكارم الأخلاق , ويستشهدون بمواقف القدماء من الحكماء والعُلماء وأصحاب الشأن …

وفي المجتمعات التي ينتشر فيها الجهل والأمية تَكثر فيها المبالغات وتروى فيها الأساطير ويؤمن الإنسان في هذه المجتمعات بكلّ ما يسمع ويُصدق كلّ ما يروى ، ويرى في الماضي صورة مشرقة ، ويُدافع عن الماضي تعبيراً عن دفاعه عن هويته وانتمائه وكيانه ، وتتعاظم هذه الظاهرة في لحظات الإحباط وفي عصر التخلف ، وقد يكون هذا السلوك مفيداً للشعوب المحبَطة واليائسة لكيلا يدفعها الإحباط الكبير إلى الاستسلام ، فتبحث عن مجد السابقين لكي تجد نفسها في مرآة تلك العصور ..

ولا يمكن التسليم بصحة هذه الظاهرة ، ولكلّ عصرٍ خصائصه وأخلاقياته وسلوكياته ، ومما لا خلاف فيه أن أمتنا عاشت مراحل نهضةٍ ، وكانت متقدمةً على أمم أخرى ، وكانت تملك القوة والمنعة وتحقق انتصاراتٍ عظيمةً في مواجهاتها مع خصومها ، وهناك إيجابياتٌ كثيرةٌ وبخاصةٍ في مجال العلم والمعرفة ، إلا أننا يجب ألا ننكر الجوانب السلبية التي كانت منتشرة , وأهمها ما يرتبط بالحكم وسلطة الحاكم وسلوكيات الحكام والصراع على السلطة , وهذا أمر كان في الماضي وما زال قائماً , وسوف يستمر ما دامت الشعوب غائبةً ومستضعفةً , أما السلوكيات الاجتماعية فليس لها ضوابط دقيقة , ولا شك أن الدين الذاتيّ والحقيقي في ظل الالتزام بآدابه وأحكامه يرتقي بمستوى السلوك ويشجّع الالتزام بمكارم الأخلاق , والمجتمع النظيف الملتزم بالفضيلة يشجع العمل الصالح وينظر بازدراء إلى رموز الفساد والشر , وعندما نتحدث عن الماضي فإننا نستشهد بمواقف فرديةٍ قد تكون صحيحةً أو غير صحيحة , وقد نُبالغ في سردها , ونظن أن الماضي كلّه يتجسّد في هذا الموقف , والحاضر ولو كان سلبيا ومتخلفاً فلا يمكن إنكار بعض ايجابياته , والإنسان في المجتمعات المعاصرة يحظى بمكانةٍ لم يكن يحظى بها الإنسان في القديم , وبخاصةٍ فيما يتعلق بحقوق الإنسان وكرامته.

وقد أسهم الإسلام في تنمية مشاعر الخير في المجتمع وتشجيع الأعمال الصالحة والتخفيف من مظاهر الظلم , ومحاربة الفساد والانحلال , وإننا نتطلع إلى مستقبل لا يحمل مآسي الماضي ولا سلبيات الحاضر , في السلوكيات والقيم, ونريد 

( الزيارات : 818 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *