الاستاذ ابو بكر القادرى

12- أبو بكر القادري : شخصية مجاهد مؤمن كرس حياته منذ شبابه الأول للعمل الوطني, عن طريق التربية والتعليم , وأنشأ مدرسة النهضة في مدينة سلا لتكوين أجيال مؤمنة بالاستقلال ورافضة للوجود الاستعماري والتبعية الثقافية , وهو رجل مسلم معتز بدينه وعقيدته كما هو معتز بمغربيته , والمغرب في نظره هو مغرب الأجيال السابقة المجاهدة في سبيل الدفاع عن الإسلام.. وأبو بكر القادري رجل جهاد ووطنية وهو نموذج حي للشخصية المغربية الاصيلة , فى انتمائهاالإسلامى واعتزازها باللغة العربية ومع المغرب الحر المستقل المتعاطف مع القضايا العربية , وهو رجل تقوى وصلاح ودبن وخلق, و يوحي إليك بالثقة والأمان وتحبه وتحترمه وتجد فيه صورة المغربي الأصيل الذي يقاتل ويكافح في سبيل حرية المغرب وعقيدة المغاربة , وهو مع القضية الفلسطينية ويرعى المنظمات التي تساند كفاح الشعب الفلسطيني … عرفت الأستاذ أبو بكري القادري منذ قدومي إلى المغرب , أحببت الرجل وعرفت فضلـه وجهاده وأصالته , وكلما اقتربت منه كنت أزداد معرفة بإخلاصه ونبله ووفائه لمبادئه , والتقينا كثيراً وتحدثناً طويلاً ,و كان الأخ الكبير الذي أقدر جهاده , وبالرغم من تقدمه في العمر فقد كان عالي الهمة يحضر المناسبات العامة , ويلقي كلمة فيها , وهو وفي لمدينته سلا , ويحظى بمكانة الاحترام لدى جميع المغاربة , وكان رفيق الجهاد للأستاذ علال الفاسي وظل وفياً لحزب الاستقلال ,ويحترم كل المجاهدين الذين شاركوا في العمل الوطني , وكان يحدثني عن بعض الصفحات الغامضة في تاريخ الحركة الوطنية , وكنت أغتنم لقائي به لأسألـه عن أسرارالحركة الوطنية ورموزها , وكان محباً بغير حدود للملك محمد الخامس ومعجباً بشخصيته وخصالـه الإنسانية وتضحياته..ولم أسمع منه كلمة سوء بحق أحد ولو كان مخالفاً لـه في الحزب أو الرأي , وكان منصفا فى كتابته عن الحركة الوطنية وكان يهديني كتبه وهي كتب تعبر عن اعتزازه بالإسلام ودفاعه عنه والتعريف ببعض الشخصيات التي عرفهافى حياته , وأهم كتبه مذكراته عن الحركة الوطنية وقد صدر في عدة أجزاء , وكان يرسلها لي مع كلمة رقيقة جميلة تعبر عن نبلـه وأدبه, وأسلوبه في كتابه مذكراته هادئ ومنصف وموضوعي و يتكلم كل شيء بلغة مهذبة , ولا يسيء لأحد , وهو سجل لتاريخ الحركة الوطنية ولأسرارها وبخاصة ما صدر في الجزء الثالث من هذه المذكرات عن أسرار الانفصال الذي أدى الى انشقاق حزب الاستقلال … ازدادت معرفتي بالأستاذ أبى بكر القادري بعد أن أصبحنا زملاء في الأكاديمية المغربية, وأتيحت لي الفرصة لمعرفة شخصيته عن قرب و سماع أفكاره , فقد كنا نلتقي دائماً في إطار جلسات يوم الخميس وفي الندوات والدورات العادية للأكاديمية ,وكان الأستاذ أبو بكر القادري نشيطاً ومشاركاً في أعمال الأكاديمية و يقدم بحوثاً ودراسات وأحياناً كان يحدثنا عن بعض الشخصيات المغربية التي عرفها ممن كان لها دور في العمل الثقافي أو الكفاح الوطني , وفي جميع المواقف كان لـه موقف شجاع وملتزم ضد الاستعمار الفرنسي , وكنت أعجب بوضوح فكره وبكفاحه الطويل , وكان مع الإسلام والعربية والمغرب وهذه مقدسات في نظره , ولـه مواقف شجاعة ضد السياسة الاستعمارية, وتشجيع رموزها على مواجهة اللغة العربية والوحدة الثقافية للمغرب … كنت أرى في ملامح الأستاذ أبى بكر القادري صورة ذلك الجيل الاصيل الذي حمل راية الكفاح لتحرير المغرب وتحقيق الاستقلال , وهو أحد أعمدة مدرسة علال الفاسي الوطنية ، هذه المدرسة التي ضمت السيد الهاشمي الفيلالي ومحمد بوسته وعبد الكريم غلاب وابراهيم الكتاني ومحمد الدويري وغيرهم ، ولم ألتق بالأستاذ علال الفاسي سوى عدة مرات في أسبوع واحد خلال زيارتي الأولى للمغرب ، ولكنني التقيت برموز مدرسته وأعمدتها ، وهم نخبة مؤمنة متميزة ,والمغرب المستقل مدين لهذه النخبة من أبنائه البررة الأوفياء لدينهم وتراثهم وأرضهم وشعبهم ..

( الزيارات : 1٬647 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *