الاستاذ عباس القيسى

شخصية سياسية متميزة ، وهو الأمين العام لحزب الاستقلال ، الحزب الذي قاد مسيرة التحرير والاستقلال ، وهو صهر الأستاذ علال الفاسي ، وتزوج من ابنته الصغرى ، وانتخب أميناً عاماً للحزب خلفاً للأستاذ محمد بوسته الرجل الذي قاد مسيرة هذا الحزب لمدة ربع قرن بعد وفاة الأستاذ علال ..

عرفت الأستاذ عباس الفاسي بعد أن أسندت إليه مهمة وزارة السكنى في أواخر السبعينيات بعد أن شارك حزب الاستقلال في الحكومة بثمانية وزراء ، و أسندت وزارة السكنى إلى الأستاذ عباس الفاسي ، كان في قمة شبابه في ذلك الحين ، عرفته آنذاك ، وكانت بيننا صداقة ومحبة ومودة ، دعوته إلى منزلي ودعاني إلى منزلـه ، كنت أقدره لشخصه أولاً وأقدره احتراماً مني للأستاذ علال ثانياً ..

ولما انتهت مهمته في الوزارة عين سفيراً في تونس و التقيته هناك ، ثم عين سفيراً في باريس ، وكنت أجد فيه صورة الجيل الجديد الشاب الذي يحمل لواء حزب الاستقلال ..

ودعاني مرة لكي أشارك في ندوة نظمها مكتب الحزب بمدينة  سلا عن فكر الأستاذ علال الفاسي بالتعاون مع صديقي الدكتور سعيد العلوي ، وكانت ندوة موفقة حضرها جمهور غفير ، وكنا عندما نلتقي ، نلتقي كأصدقاء ، نتحاور في موضوعات سياسية وثقافية ، وهو شخصية في غاية التهذيب والأدب ، وينتمي لأسرة ذات تاريخ عريق في العمل الوطني ..

ولما شكلت حكومة التناوب برئاسة عبد الرحمن اليوسفي ، شارك حزب الاستقلال فيها، و أسندت إليه بعض الحقائب الوزارية وتولى الأستاذ الفاسي إحدى الحقائب الوزارية ، وفي حكومة إدريس جطو تولى وزارة الدولة فيها ، وكان حزب الاستقلال يرى بأنه أحق بالوزارة الأولى ، لكي يتحقق التناوب بين حزب الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال ، ولم يقع التوافق على ذلك .

رأيته لأول مرة في مدينة تلمسان الجزائرية في إطار الملتقى الإسلامي الذي عقد هناك عام 1975 ، وكنت يومها بجامعة الكويت ، وحدثني يومها عن تاريخ الموريسكيين ، ولم أكن قد سمعت بهذا الاسم من قبل ، وهو مصطلح شائع في المغرب الإسلامي ، ولم يكن معروفاً في المشرق إلا لدى المتخصصين ، ولما جئت الى المغرب حضرت عدة ندوات عن هذا الموضوع الذي اكتشفت قيمته وأثره في تاريخ الغرب الإسلامي..

وفي المغرب التقيت بالصديق الدكتور حركات ، وتوطدت الصلة العلمية بيننا ، وعرفت علم الرجل وفضلـه ونزاهته ، هو باحث جاد وشخصية علمية متميزة ، وله إسهامات هامة في إغناء الدراسات التاريخية ، وهو مسلم ملتزم غيور على الإسلام ، وكنت أتابع إسهاماته بإعجاب وتقدير ، وشارك في مسيرة دار الحديث الحسنية عن طريق الإشراف والمناقشة و إغناء الحلقات التعليمية المتخصصة ..

ويستحق هذا الرجل أن يكرم كل التكريم من الجهات العلمية المختصة ، ويتمتع بأخلاقية عالية وتواضع صادق ، وهو صاحب مواقف ، ولا يحب المجاملة ولا التملق ولا المبالغة وكانت تقاريره العلمية عن الأطروحات دقيقة وموضوعية ، وهو رجل يحترم نفسه وعملـه ، وأذكر أنه قدم تقريراً سلبياً عن أحد الأطروحات ، وواجه ضغوطاً كثيرة لكي يعدل عن موقفه ، ولم يتراجع أو يقبل الضغوط , وأكبرت هذا الموقف فيه وكنت أحترم مثل هؤلاء الرجال ..

( الزيارات : 875 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *