الاسرة .. تحديات انانية

الاسرة .. تحديات انانية

……………………….

كنت اكبر تلك الاسرةً المتحابة المتعاونة المتكافلة المتماسكةً التي يسعى بعضها لاسعاد البعض الآخر ومساعدته والتخفيف من معاناته ، ويحمل الكبير فيها الصغير محبة ورعاية , ويتكفل الغني بالفقير فيما يحتاج اليه من المطالب الضروربة ، الاسرة المتحابة المتماسكة اقدر على مواصلة رحلة الحياة والتغلب على الازمات والمشكلات التي تواجه الاسرة والتصدي للعواصف التي تهدد حياتها   وتعرضها للمخاطر ، الاسرة الكونية يملك  كل من  فيها من ذلك التعدد في الانتماءات والقوميات والاجناس ما يملكه  افراد الاسرة الصغيرة من الحقوق ، ويحكمها نفس القانون الذي احكم الله امره خلقا وحكمة , وخاطب الانسان به لكي يختبره فيه ويشعره باهمية ما يختاره لنفسه من المواقف ، هذه الاسرة الكونية بكل من فيها يجمعهم رحم واحد وكلهم من ابناء  ادم ، لا احد منهم يملك ما لا يملكه غيره من الحقوق الاساسية التي ضمنها الله لكل عباده بطريقة عادلة ، لا احد خارج انسانيته بكل خصوصياتها من الضعف والموت والثواب والعقاب والخير والشر ، ومعيار التفاضل عند الله هو العمل الصالح الذي يصلح الحياة واجتناب الشر الذي يفسد الحياة ، وقد خاطب الله الانسان بكلامه وجعله مؤتمنا على الحياة ومستخلفا عليها ان يعمل صالحا فيها يحبه الله ، وقد خاطب الله ذلك الانسان المتجدد بذلك التعاقب بين الاجيال بما ينير طريقه ويهديه الى الطريق المستقيم الذي لا عوج فيه ، واهم معالم هذا الطريق ما يلى :

اولا : الايمان بالله ورفض الشرك والقداسة لاحد من عباد الله ، الله واحد ولا شريك له ، وهذا هو معني التوحيد والوحدانية التي لا تقبل الشريك ، وهذا هو التكليف الاول الذي يحعل الناس متساوين في صفة العبدية لله  ، والايمان بالله يتطلب الايمان بكل رسل الله وما جاؤوا به من ربهم من الاحكام التكليفية فيما امر به من الطاعات والعبادات والصالحات وفيما نهي عنه من الشرك والطغيان ، ثانيا : هذه الارض بكل ما فيها من الثروات في الارض والبحر ، وما تخرجه الارض من الثمرات هي من رزق الله المسخر للانسان لاجل استمرارية الحياة ، ولا يحرم احد من رزق الذي تكفل الله به ،ويجب ان يوزع بعدالة بين العباد لكي تكون به الحياة ، ولكل فرد قيمة جهده بالمعروف لكي تكون به الكفاية والكرامة ، لا احد يملك مالا يملكه غيرة الا بما اقره الله له كقيمة جهد مشروع لكي يكون التفاضل به والتنافس فيه ، لا شرعية لملكية فردية ناتجة عن الاستغلال والاحتكار والاغتصاب واكل اموال الناس بالباطل وتجويع المستضعفين ، لا ملكية فردية خارج قيمة الجهد المشروع العادل الدي لا فساد فيه ، ومن حق صاحب الجهد ان يملك قيمة جهده , وان يورثه لورثته ملكية فردية كامتداد له ، ومال الفساد لا يورث ولا شرعية له ولاملكية فيه  ، ويسترد مال الفساد ممن استولى عليه بظلم وعدوان ، وهو من السرقة التي حرمها الله على عباده ، وكل كسب ارتبط باستغلال جهد المستضعفين هومن الربا الذي حرمه الله في صوره المتجددة في كل عصر ،

ثالثا : امر كل مجتمع شورى بينهم,  وهو بيد ذلك المجتمع ان يختار نظامه الاجتماعي بما يقع التوافق عليه ثم التعاقد على احترامه , بلا اجبار  يفسده , ويشترط فيه ان يكون اراديا لا اكراه فيه , وان يكون عادلا لا ظلم فيه , وان تحترم فيه مصالح العباد المشروعة فيما هو من حقوقهم ، لا طبقية اجتماعية ولا عنصرية ولا تفاضل بالانساب ولا توارث لمجد ناتج عن طغيان في الارض ، رابعا : النظام الاجتماعي بكل ما يضبط الحقوق فيه من القوانين والدساتير والاعراف هي ثمرة لجهد انساني يحتمل الصواب والخطأ ، وتحكمه المصالح المتجددة للعباد فيما يرون فيه الصلاح اويترجح لهم ذلك ، والمهم فيه ان تحترم كلمة الله فيه فيما امر به من العدالة في الحقوق والاستقامة في السلوك واحترام الحياة , وفيما نهى عنه من المحرمات وكل المفاسد في السلوك الاجتماعي ، الحرية التي يجب ان تحترم هي التي تحترم فيها كلمة الله واحكامه ، ولا حرية فيما يسهم في افساد الاسرة والمجتمع من الحريات الشخصية التي تفكك ما تماسك من القيم الاسرية والروابط الاجتماعية ، الحرية الشخصية لا تعني الفوضى في السلوك الاجتماعي بما يفسد الحياة ويعبث بها ، والحرية الاقتصادية لا تعني الاستغلال والاحتكار والاتجار بالانسان فيما هو ضروري له من الطعام والتعليم والتطبيب ، قيمة الجهد مشروع بشرط ان يكون عادلا ، والمجتمع شريك في الثروات التي نمت بجهد مجتمعها ، والفقير والصغير والعاجز واليتيم في كفالة مجتمعهم  في كل حق يضمن لهم الحياة والكرامة ، لا احد من افراد الاسرة خارج الحق في الحياة والكفاية والكرامة ، الاسرة الكبيرة كالاسرة الصغيرة ، هناك تدافع مشروع بين الاجيال , وهناك تدافع في السعي بين ابناء الجيل الًواحد ، ويجب ان يكون هذا التدافع اخلاقي الاسلوب معبرا عن رقي الانسان في فهمه لمعنى الحياة ، اسوأ ما يهدد الاسرة ويفكك ما تماسك منها كل سلوك ينمي الاحقاد بين افرادها ,   واهم ما يفكك الاسرة الصغيرة والكبيرة الامور التالية  : الاول : الانانية المفرطة التي تتحكم في الانسان وتدفعه للتفكير في نفسه وكانه الوحيد الذي يملك الحقوق , وهو الاحق بها ، الانانية هي سبب كل الشرور , وينميها الجهل وسوء التربية والتكوين وحياة الترف والشعور باللامبالاة تجاه كل الاخرين ، محنة الانسان في تلك الانانية المفرطة التي يريد بها ان يبني مجده على انقاض كل الاخرين ، وهذه هي محنة الحضارة المعاصرة ذات القيم المادية التي تبرر استغلال القوي للضعيف ، وتكبر الطبقية الاجتماعية بسبب هذه  الانانية التي افسدت الاسرة الصغيرة والكبيرة ،

الثاني : الطمع الناتج عن جموح القوة الشهوانية التي تدفع صاحبها للطمع فيما كان للاخرين من الحقوق ، والظلم في الحقوق هو ثمرة للطمع الى درجة الجشع والرغبة في الاستحواذ على حقوق الاخرين , وبخاصة من المستضعفين الذين لا يجدون من يحميهم ويدافع عنهم ، واسوأ صور الطمع ان يطمع الكبير في مال الصغير ويطمع القوي في حق الضعيف , وبخاصة في الاجور وقيمة الجهد الانساني ، وينافس القوي الضعيف ويحاول ان ينتصر عليه لكي يكبر الكبير بظلمه , ويخسر الضعيف بسبب ضعفه ، وتكبر بذلك الطبقية الاجتماعية , وتترسخ في مجتمعها الى ان يحين موعد عواصف الخريف التي تسقط كل ما استطال من الاشجار وما تقادم منها واصبح بلا ثمار  ،

الثالث : الحقد الذي هو ثمرة حتمية لكل من الانانية والطمع ، الانانية هي الدافع التفسي الذي يتمي الطمع ، والحقد هو الثمرة الحتمية لكل من الانانية والطمع ، والحقد انفعال غاضب ناتج عن الضعف والشعور بالظلم ، وهو قادم لامحالة فى ظل الاهمال والاستفزاز كمرض ينتظر الوقت الملائم للانقضاض على البدن المنهك بالترف  والغرور ، وسرعان ما يستسلم له , ويرفع الراية البيضاء التي تحميه من سوء المصير ، الاسرة الكبيرة كالاسرة الصغيرة فيما يفككها من الخلافات والمنازعات ، قانون واحد يحكم الاسرتين معا ، تعالوا نتعلم من اسرتنا الصغيرة ما يساعدنا على فهم ما تتطلبه الحياة الانسانية من مراجعات تصحيحية لكي تستقيم الحياة الانسانية باحترام الحياة بكل ما تتطلبه من الاسباب التي تشعر كل انسان بالكرامة التي ضمنها الله لكل عباده ..

  • ·       ……………………………………………..
( الزيارات : 183 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *