البحث عن الهوية

……………………………………..

ما زالت فترةً الطفولة في ذاكرتي كما هي بكل احداثها ومجالسها الايمانية واهتماماتها الروحية ، كنت سعيدا بتلك الحقبة الاولى من حياتي في كلتاوية حلب في صحبة السيد النبهان طيب الله ثراه ، كان بالنسبة لى هو المرجعية الاولى والوحيدة التي كنت اتعلم منها واثق بها واجد فيها الكمال ، لم افكر يوما بغير ما كنت فيه من تلك الاهتمامات ، هذا ما كنت اراه امامي وهذا الذي كان يشغلني ، كنت سعيدا بما كنت فيه ، كانت تربيتي ايمانية وروحية ، وهي التي نشأت عليها وتأثرت بها ، صوفية بلا شطحات وادعاءات وتوهمات ، وما زلت حتي البوم بفضل تلك التربية ارفض تلك الطقوس المعتادة التي ليس لها اصول ولا دلالات ، كنت احب صوفية الصفاء الايماني والاستقامة السلوكية ، هذا ما تربيت عليه ، كنت اكره تلك المبالغات وتلك الثقافة الشعبية التي تكرس الجهل والتقليد والمفاهيم ، هناك الكثير مما يحتاج الى تصحيح في فهمنا لرسالة الدين في الحياة ، واستمرت تلك الحقبة الى بلغت العشرين من العمر او اقل بفلبل عندما بدات الرحلة الطويلة التي ما زالت حتى اليوم ، لم افكر يوما انني لن اعود ، هكذا هي الحياة ، ما ذهب لا يعود ، هذا هو الماضي الذى لن يتكرر ، لا شيء من الماضي بعود كما كان بالرغم مما  تحتفظ به الذاكرة من احداثه الموجهة والملهمة ، واعترف انني مدين لذلك الماصي بالكثير ، الماضي لا يعود , ولكنه لا يغادر ، انه مختزن في مكان خفي في الذاكرة ، انه الوقود الذي يحركنا ويوجهنا ، عندما غادرت كلناوية حلب شعرت بغربة حقيقية  كمن اضاع هويته الشخصية ، شعرت لبرهة انني بلا عنوان ، وسرعان ما بحثت عن نفسي ، واستعدت هويتي كما انا ، واصبحت اشعر بوجودى ,  وابتدات هذه الهوية ترافقني في كل مكان اذهب البه ، كنت اشعر ان لى ضالة وكنت ابحث عنها في كل مكان ، في دمشق والقاهرة والرياض والكويت ، كنت اشعر انني انا في كل كل مكان اذهب اليه ، لم افقد هويتي الذاتية في يوم من الايام ، كنت اضيف في كل حقبة سجلا جديدا احتفظ به في الذاكرة واستفيد منه ، اعترف انني واجهت الكثير من العواصف ، كنت صامدا كما انا ، ازدادت معرفتي بالحياة واكتشفت الجديد الذي احتاج اليه ، لم اشعر بالضعف ابدا في اي موقف من المواقف ، ، كان لدي ايمان عميق بالله تعالى , وقد امدني ذلك الايمان بشعور قوى بالثقة ، الايمان بالله يمنحنا الشعور بالقوة اولا والثقة ثانيا ، كنت اريد ان افهم كل شيء بنفسي ولنفسي ، ما يقنعني كنت اتمسك به وافعله ، ومالا يقنعني كنت ارفضه ، الست المكلف بذلك ، لا اذكر انني قلدت احدا بغير قناعة ، لا ادعي انني على حق دائما ، ولكنني لن افعل الا ما يترجح لى الحق فيه ، كنت اسجل بعض قناعاتي وافكاري كما اراها ، الاجيال المقبلة سوف تكون اكثر نزاهة في احكامها ، نحن نفعل  ما يترجح لنا الصلاح فيه ، ونترك ما يترجح لنا الكمال في تركه ، هذا هو معنى التكليف الانساني ، كل فرد مكلف ان يفعل الخير ، وكل جيل مكلف بان يحسن فيما يختار لمجتمعه ، ليس من مهمةً الانسان ان يسترضي احدا بالرضوخ لباطل ولو كان الباطل هو الاقوى ، لا عذر لمن يبرر الباطل ، لست نادما على شيء مما كان من قبل ، كل موقف له خصوصيته الزمانية والمكانية ، والاحكام يجب ان تراعي فيها خصوصية المكان والزمان لكي تكون عادلة ، هذه الحياة هي المرادة ان تكون بكل ما يعبر عن كمالها ، والانسان مؤتمن عليها ان يختار ما يصلح هذه الحياة ، كل جهد لاجل الاصلاح محمود ومطلوب وكل جهد يسهم في افساد الحياة مذموم ومكروه ، هذه هي البداية لرحلة الحياة .

…………………….أعلى النموذج

أسفل النموذج

  •  
  •  
( الزيارات : 208 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *