الاشتراكية ومفهوم العدالة

تطلق لفظة الاشتراكية على الأفكار التي تدعو إلى إقامة نظام سياسي يطبق العدالة الاجتماعية وفق تصور دعاة الفكر الاشتراكي , وهناك اشتراكية عاقلة وعادلة ومعتدلة وأخلاقية ويسهر على تطبيقها نظامٌ سياسيٌ يستمد شرعيته من إرادة شعبية , وهذه اشتراكية نافعة وضرورية ويظهر أثرها في سياسات اقتصادية تحرص على تحقيق تنمية حقيقية في الإنتاج , وعدالة اجتماعية في الأجور والثروات, ومساعدة الطبقات الفقيرة عن طريق توفير فرص العمل والتشغيل وإقرار القوانين التي تحمي حقوق العمال والفلاحين وأصحاب الدّخل المحدود ، وتوفير السكن ودعم المواد الضرورية وتشجيع المزارعين وتأميم المرافق الأساسية لمنع الاحتكارات ومقاومة سلطة المال والتخفيف من أثر التفاوت الاجتماعي ومراقبة الأسعار ووضع قيود على الحريات الاقتصادية ومقاومة الفساد والاحتكار, وهذه غايات مشروعة ، ولا يمكن لأحد أن يتجاهل حاجة المجتمع لتحقيق العدالة ، ومساعدة الطبقات الفقيرة على الحياة الكريمة ، ومنع استقلال الأقوياء للضعفاء ، ومقاومة كلّ المظاهر الطبقيّة ، وتحرير الفلاح من العبودية ، وإنصاف العمال في الأجور والضمانات الاجتماعية .

     وهذه الأهداف يدعو إليها الإسلام ويحض عليها ولا شيء من هذه الأهداف يحرمه الإسلام أو يمنعه , وكلّ ما يؤدي إلى تحقيق العدالة وحماية مصالح اجتماعية فهذا من الإسلام , والإسلام لا يقرُّ ظلماً أو احتكاراً أو استغلالاً , وما يقدمه الإسلام أكثر عدلاً مما تقدمه الاشتراكيّة .

        أما تطبيق الاشتراكية في البلاد التي تبنت النظام الاشتراكي فقد فشلت في معظم هذه الدول على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي , وارتبطت الاشتراكية بالأنظمة السياسية التي حكمت بالقوة والعنف والتضييق على الحريات , والفساد الإداري والفشل في السياسات الاقتصادية , والخسارة في مؤسسات القطاع العام , والتهرب الضريبي , والتراجع في الإنتاج الزراعي , وعجز الإنتاج عن المنافسة .

       وتراجعت معظم الدول الاشتراكية عن بعض القوانين الاشتراكية مثل سياسة دعم المواد الغذائية , والاعتماد على القطاع العام في الإنتاج , وحماية العملة الوطنية من التراجع , وفشل مخططات التنمية , وضعف إنتاجية العامل , وانتشار البطالة .

       ولعل السبب في فشل الاشتراكية هو استخدامها كأداة لسيطرة الحزب الحاكم وتقوية نفوذه , واستغلال بعض رموز السلطة لنفوذهم لتحقيق مصالحهم المادية , والانتقام من خصومهم , وبدلاً من تحقيق العدل جاءت بعض القرارات ظالمة ومجحفة , وسيطر الحقد الطبقيُّ على السياسة الاقتصادية , ولا يقاوم الظلم بظلم معاكس , وإنما يقاوم الظلم بالعدل ,ولا أحد يضيق بالعدل ولو كان الحكم قاسياً,ولو احسنت هذه الانظمة وعدلت وانصفت والتزمت باحترام حقوق الانسان وحرياته لاستطاعت ان تقدم تجربة انسانية رائدة….

( الزيارات : 1٬450 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *