الاعراف الاجتماعية..معيار للرقي

الأعراف الاجتماعية..من حقِّ كلِّ مجتمع أن يختار لنفسه أعرافاً وتقاليد تعبر عن معان معينة وتجسد قيماً إنسانية ، وكلّما ارتقى المجتمع حضارياً وثقافياً ارتقت معه أعرافه وتقاليده ، والمجتمع المتخلف يختار لنفسه أعرافاً فاسدةً وسيئةً وضارةً ,ولا يشترط أن يكون العرف المستحدث مما يقع الإجماع عليه أو مما يجمع المجتمع كلّه على استحسانه , فقد يستحسنه البعض ويرفضه آخرون , وهذا أمرٌ طبيعيٌّ وليس هناك ما يمنع أن يرى المجتمع عرفاً حسناً في مجتمع آخر فيأخذ به ، لا رغبة في تقليد الآخرين وإنّما لما لهذا العرف من دلالة أخلاقيّة ، ومثال ذلك ما تعارف عليه العالم من تخصيص يوم للتعبير عن الوفاء للأم والتذكير بفضلها على أبنائها ، وهذا عرفٌ حسنٌ وله دلالةٌ أخلاقيّةٌ , ومن قدّم لأمه هدية في هذا اليوم فقد أحسن التصرف وأسعد أمّه ,وهذا من الوفاء الحسن ومن الأعراف المحمودة , ويشترط في هذه الأعراف أن تكون مفيدةً وذات هدفٍ اجتماعيٍّ وإنسانيٍّ,وألا يكون هناك ما يحرّم في نظر الإسلام فإن تضمّن معاني فاسدةٍ أو ارتبط بسلوكٍ محرم أو مذموم فلا يُقبَل ولا يُعمَل به , وإذا أريد به التعبير عن الوفاء والترابط الأسري أو إدخال السعادة إلى نفس الأطفال أو الأمهات أو الآباء أو الأزواج أو أريد به صلة الرحم أو إسعاد مريض أو مساعدة فقير فهذا من الأعراف الحسنة , كالاحتفال بيوم الطفل أو يوم ميلاده أو يوم زواج أسرة ,ويمكن أن يكون هناك يومٌ للاحتفال بالأسرة ، ويومٌ لتكريم الشيوخ والعجزة والمرضى ، وهذه الأعراف ساميّة الأهداف ، وغايتها إدخال السعادة والفرحة إلى قلوب هؤلاء النّاس الذين يحتاجون إلى وردةٍ تُقدَّم لهم أو ابتسامة حبّ أو كلمة وفاء وتشجيع ..

وأتمنى أن يقترن الاحتفال بعيد المولد النبوي الشريف بعرفٍ محمودٍ ومفيدٍ ، وهو أن تعدّ كلّ أسرة مسلمة قادرة طعاماً لأسرة فقيرة ، لإدخال الفرحة إلى قلوب الفقراء المحتاجين ، وبذلك تعبّر الأسرة المسلمة عن سعادتها بهذا اليوم بعمل اجتماعيٍّ يدخل الفرحة إلى القلوب ، وينمي مشاعر التكافل بين أفراد المجتمع ، ويمكن أن تكون هناك أعراف أخرى ذات دلالات إنسانية , ولاشيء أسمى من مساعدة فقيرٍ أو معالجة مريضٍ أو إدخال البهجة إلى قلب يتيمٍ , وهذه هي العبادة الحقَّة , وهذه هي الثمرة المرجوة من العبادة , وهي ترسيخ قيم التراحم والتعاون والتكافل في المجتمع , وما أحوج مجتمعنا إلى مثل هذه السلوكيّات الإسلاميّة الأصيلة , والعبادة التي لا تثمر خيراً ورحمةً وأدباً واحتراماً للآخرين وإيثاراً لا تعتبر عبادة محققة لأهدافها الأخلاقيّة , ولا يرتقي بها  صاحبها إلى مراتب المقربين.. 

( الزيارات : 1٬242 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *