زكاة المال وحقوق الفقراء

زكاة المال وحقُّ الفقراء

فرض الإسلام الزكاة على الأغنياء لصالح الفقراء , ولا يَطهُر المال ولا يُعترَف بملكيته إلا بعد أداء حقِّ الفقير فيه , وهذه الفريضة تجب في المال وحيث يكون المال , ولو كان مالك المال غير مكلّف , فيجب في مال الصغير والمجنون , وإذا كان هذا الحقِّ يتعلق بالمال فالأصل أن يجب على المسلم والكافر , إذ لا يُعقَل أن يدفعه المسلم ويعفى منه الكافر , ولكن لا تُفرَض العبادة على كافر , ولا يُعفَى الكافر من أداء واجبه تجاه الفقراء , ويجب على الكافر أن يدفع ضريبة الفقراء , وهي نفس النسبة المقررة في الزكاة وبنفس المعايير , ويمكن أن تسمى بأيِّ اسم آخر غير الزكاة , كالجزية والخراج , ولا يحصن المال ولا تثبت ملكية صاحبه له إلا بعد أداء ذلك الواجب المقرر للفقراء , ولا يمكن إعفاء الكافر من هذا الواجب , وفي الوقت ذاته يستحقُّ الكافر الفقير أن يأخذ من هذا المال عندما يستحق ذلك , وأداء الزكاة لا يعفي صاحب المال من أداء ما يجب عليه من مشاركة في كلّ ما يحتاج إليه المجتمع وما تدعو إليه المصلحة العامة من بناء المدارس والطرقات والمرافق العامة والخدمات التي يحتاج إليها المجتمع , ويجب أن تُرَاعى العدالة فيما يدفعه المسلم والكافر , فلا يُفرَض على أحدهما أكثر مما يفرض على الآخر , في الواجبات المالية التي تفرض على الأموال , بخلاف الواجبات الماليّة على الأشخاص , ولا يسقط أيّ حق من حقوق الفقراء عن أيّ فرد من أفراد المجتمع , ولا يعفى أيّ مال مما يجب فيه لمصلحة المجتمع , وتتولى الدولة مهمة جباية مال الزكاة وفقاً للمعايير الشرعية , ولا يعفى أحدٌ منه ولو كان حاكماً , ولا تقاعس في هذا الأمر , ولا يسقط بالتقادم ويؤخذ عن المال ومن لم يدفعه يعتبر مديناً به , وتخصص أموال الزكاة لمصارفها الشرعيّة وأهمها مساعدة الفقراء والمساكين والمحتاجين وكلّ ما يوفر لهؤلاء  الطعام والتعليم والعلاج والمطالب الضرورية , ولا يترك أمر الزكاة لصاحب المال , لأنّه قد يبخل عن أداء ما يجب عليه , أو لا يراعي المعايير الشرعية , ولا يعفى من الزكاة إلا لما جرى العرف على أن يكون من الاستعمال الشخصي , ويستحسن أن يكون صندوق الزكاة مستقلاً وواضحاً وينفق منه على مصالح الفقراء لتحقيق الكفاية والكرامة ويمكن استثمار أموال الزكاة لمصلحة المستحقين , ويمكن إنشاء مؤسسات اجتماعية وتعليمية ومهنية لتمكين الطبقة الفقيرة من التعليم والتكوين والتشغيل , ولا ينبغي أن يقتصر دور الزكاة على إطعام الفقير , وإنّما يجب أن تعاد صياغة الواقع الاجتماعي على أسس عادلةٍ واختيار سياسات اجتماعية تراعي العدالة الاجتماعية 

( الزيارات : 910 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *