حقوق السجين الانسانية

السجين مذنبٌ وقد ارتكب جريمة ، وعليه أن يقضي في السجن المدة الزمنية التي حكم القضاء بها ، والغاية من السجن تأديبية و تربويّة والجانب التربوي أكثر أهميّة ، لأننا نريد أن نعد السجين لكي يخرج من السجن إلى المجتمع وهو أكثر استعداداً لاحترام حقوق الآخرين وأكثر بعداً عن الجريمة ، ومن الطبيعي أنّ السجن ليس مكان للترفيه ، ولا يمكن أن تحقق فيه ما تشتهيه النفوس من رغد العيش وإلا لم يكن سجناً ، ولابدّ في السجن من إشعار السجين بقسوة حياة السجون وشدتها في المسكن والطعام والملبس والحركة والمعاملة والحريّة الشخصيّة إلا أن هذا كلّه لا يلغي حقوق السجين الإنسانية ، فالسجين ولو كان مجرماً ومعتدياً ويستحق العقاب الزاجر والتأديب إلا أنَّ ذلك يجب أن يكون في إطارٍ إنسانيٍّ ، ولا يمكن تجاهل حقوقه الإنسانية ولو ارتكب أسوأ الجرائم ، فالمجرم مهما فعل من شرورٍ وآثام وسلوكيات عدوانية واعتداء على الآخرين لا يمكن أن يفقد حقاً من حقوقه الإنسانية فلا يمكن أن يُعاقَب بحرمانه من الطعام ولا يمكن إخضاعه للتعذيب البدني الذي يضرُّ الأجساد فالتأديب لا يعني الإذلال والسجن أداة لتحقيق العدل ولا يمكن أن يكون مكاناً للظلم ولا يُحرَم السجين من معاملة عادلة تراعي آدميته وكرامته ومطالبه الضرورية ولا يظلم المجرم ولو كان ظالماً ولا يُعتدَى عليه في حرمانه من حقوقه ولو كان معتدياً وكلّما ارتقت نظرتنا للإنسان ارتقت سجوننا لكي تكون مؤسساتٍ للإصلاح نؤكد من خلالها احترامنا للعدالة التي أمر بها الإسلام والسجين ولو كان مجرماً هو إنسان مستضعف في السجن فلا يظلم ولا تساء معاملته ولا يحرم من شمس وضوء و هواء و دفء و تواصل مع أسرته ويستحقُّ السجين شفقة المجتمع وأن يُعامَل بالرحمة والمودة وأن يشعر بالندم على جريمته فالمجتمع الذي يمدّ يده للسجين ويشعره بالمودة والرحمة ينقذه من المشاعر الشريرة ويعيده لإنسانيته وقد يندم وهذا هو المطلوب وقد يصبح رجلاً صالحاً محباً للخير ، وظلم السجين والقسوة عليه ستوجد فيه الرغبة في الانتقام ويزداد غضبه ويأسه وتترسخ فيه الميول الشريرة تعبيراً عن شعوره بظلم الآخرين له ويكون أكثر استعداداً لارتكاب جرائم اعتداء على الآخرين والسجون الظالمة هي المعسكرات التي يتخرج منها رموز العنف والتطرف و الجريمة وتقسو قلوب هؤلاء في ظلام السجون إلى درجة يعتقدون فيها أنّهم على حقّ فيما يفعلون وأنّهم في سبيل الله يجاهدون ويستشهدون .

( الزيارات : 922 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *