الانسان وقصة الحياة

كلمات مضيئة ..الانسان وقصة الحياة
عندما خلق الله الحياة ارادها ان تكون كما هي عليه وضمن استمرارها لكي يعبد في الارض ويسجد الانسان  له سجود عبادة ويسبح كل شيء بحمده من  الجمادات وكل الأحياء  من النبات والحيوا ن ، ولكل شيئ خصوصيته الخاصة به ولكل من الإحياء وسيلته التي يدافع به عن تلك الحياة بما خلقه الله فيه من استعدادات وزوده به من القدرات ، وكل الاحياء يبحثون عن اسباب تلك الحياة من تلك القوة الذاتية في النباتات والقوة الغريزية التي يملكها كل الاحياء ، ويبرز الانسان كمؤتمن علي تلك الحياة في الارض ومستخلف ومكلف ومخاطب ، انه يملك قوتين ، القوة الاولي يملكها الانسان  والحيوان معا، وهي القوة الشهوانية التي. هي الاداة الفطرية لحماية الحياة ، انها قوة البحث عن الكمال , وهي القوة التي تضمن استمرار الحياة بما تتطلبه من اسباب ، ولولا هذه القوة لما كانت الحياة ولما استمرت ، ولو توقفت هذه القوة. لانتهت الحياة ، انها القوة الضامنة للحياة بكل اسبابها ، وهذه القوة الشهوانية يملكها الحيوان ايضا وبها يبحث عن طعامه وشرابه واسباب حياته ، ويقاوم بها من يتصدي له عندما يقع العدوان عليه ، عندما تكبر هذه القوة تطغي وتسيطر وتمسك بزمام الانسان ، هذه القوة غير عاقلة ، وتوجهها  الغريزة. وتتحكم فيها بالنسبة للحيوان ، الحيوان تتحكم فيه غريزته وهي التي تقوده  وترشده الى ما يحتاج اليه ، ليست هناك قوة اخري منفصلة ومستقلة ، لان القوة الثانية  وهي القوة الغضبية ليست ذاتية ويمكن الاستغناء عنها عندما لا يستغضب صاحبها  بظلم او عدوان  ، وهي  قوة مدافعة وتبرز عندما يُمنع الانسان من تحقيق رغباته الشهوانية وعندئذ يغضب ويقاوم. ، الغضب قوة تابعة لتلك القوة الشهوانية لحماية الرغبات ، وكلما أشبعت القوة الشهوانية زاد طغيانها وترسخت واشتد غضبها عندما تجد من يتصدي لها وتبرز لديه الرغبة فى الانتقام تعبيرا عن الغضب ، واهم اخطار القوة الشهوانية انها تنمي قوة الطمع في الانسان ، والطمع يصبح جشعًا ونهما وانانية بغيضة ومكروهة ، وهذا الطمع هو الذي ينمي الرغبة في العدوان علي الاخر والاستحواز علي ما هو حق له , ولا حدود لطمع الطامعين وجشع الجشعين ، الاقوي يطمع في الاضعف ويحاول ان يستولى على ما هو حق له او ينتقصه عن طريق استغلال ضعفه واشده سوءا ان يستغل حاجته فيرفع فينقص اجر ه او يغلى عليه قيمة ما يشتريه منه او يفرض عليه ان يدفع زيادة فى قرض وهذه هو اسوأ انواع الربا الذى حرمه الله على عباده ، ولذلك يبحث الانسان عن اسباب القوة التي تمكنه من الدفاع عن نفسه اولا ، فاذا تمكن من ذلك انتقل الي الرغبة في العدوان ، الانسان يملك مالا يملكه الحيوان وهو القوة العقلية ، وهي القوة الثانية ، وهذه القوة موجودة في الحيوان وتتحكم فيها الغريزة الفطرية  ، وتحركها من غير تأمل او تفكير ، للبحث عن اسباب الكمال البدني ، اما في الانسان فهي قوة تأملية وتنمو من خلال عاملين :الاول : التجربة الانسانية التي يتعلم منها الانسان الا يكرر نفس الاخطاء االتي ارتكبها في الماضي لانه يكتشف من خلال تلك التجربة قوانين الطبيعة التي ارادها الله اسبابا يمكن اكتشافها من خلال تلك التجربة والملاحظة والتكرار والتأمل ، وهناك العامل الثاني وهو العلم والمعرفة التي تعلم الانسان ما كان يجهل من المعرفة الناتجة عنً جهد الآخرين من الاجيال المتعاقبة في مختلف العلوم ، ما اكتشف من قوانين الطبيعة كثمرة لجهد الاجيال يصبح جزءا من المعرفة العقلية التي يتعلمها الطفل في المدرسة ثم الجامعة ، المعرفة الانسانية تكبر وتتسع مع الايام وتساعد العقل علي التمييز وحسن الاختيار والقرار ، وتمكنه من رحلة الانسان من الجهل الي العلم ومن الظلمة الي النور ، ومن النقصان الي الكمال ، ومن طبيعة القوة الشهوانية انها تظل كما هي في الانسان ، تكبر كلما وقعت الاستجابة لها ، وتولد اسوأ طبيعة في الانسان هي الطمع ثم الجشع والنهم ثم العدوان علي المستضعفين للاستحواذ علي ما يملكون من الحقوق ، الطمع شر كله , ومصدره الشعور بالقوة المؤدية الى الطغيان ,   وكلما اتسع الشعور بالطغيان كبـُر الطمع واتسعت الرغبة في العدوان للسيطرة علي حقوق الاخرين بكل الوسائل ، وتكبر الرغبات الانانية والشعور بالفردية ، النزعة العدوانية في الانسان اكبر من الحيوان لان الحيوان يدفعه الجوع لكي يعتدي علي فريسته ، اما الانسان فيدفعه الطمع لكي يعتدي علي اموال الاخرين واذلالهم لكي يتمكن منهم والحصول علي حقوقهم , الحيوان يهاجم فريسته عندما يجوع اما الانسان فان يعتدى على الحقوق لكي ييغتصبها  ويتملكها ولو لم يحتاج اليها , الانسان لا يشبع ابدا ولو ملك كل ثروات الكون , وتلك هي محنة الانسانية فى ذلك المفهوم المتخلف  لفكرة الملكية , ماكان مصدره الفساد فلا يتملك و لا ملكية خارج قيمة جهد الانسان ،ولا توارث للملكيات الظالمة الناتجة عن الفساد والاستغلال واكل اموال الناس بالباطل ,  ولا خيار للمستضعف الا ان يذعن لمن هو اقوي منه خوفا منه ولو شعر بالظلم والغبن ، الخوف. يدفعه للقبول ظاهريًا بكل ظلم يشعر به دفعًا لما هو اشد من الظلم , وهو الجوع والدفاع عن النفس ، وفي الوقت ذاته يشعر بالحقد علي ظالمه , ويكبر الحقد في داخله ويترسخ ويصبح خلقا له يبرز في انفعالاته ورغبته فى العدوانه علي من هو اضعف منه تعبيرًا عن الغضب المكبوت ، حياة الترف تنمي مشاعر الطمع ، لان المترف. يبحث عن لذاته المادية الي ان يبلغ درجه السفه السلوكي والاستهانة بكل الاخرين واذلالهم والاستمتاع بكل ذلك ، ذلك الواقع من الظلم الاجتماعى هو نهاية منعطف حتمى لا بد منه ,  ولا بد من التغيير وتكون النفوس مهياة للتغيير بكل الطرق الممكنة ولو عن طريق الثورة على الظلم ولو كانت الثورة مكلفة , ومن طبيعة اليائسين انهم لا يخافون من التضحية  لانهم لا يجدون طريقا اخر ، كل منعطف لابد له من بداية ونهاية ، وعندما. يبلغ اَي منهج . مرحلة الشيخوخة فلا بد من التغيير نحو الافضل ، لان الاشجار التي شاخت لا تقوي اغصانها علي التصدي لعواصف الخريف التي. تسقط كل ما كان عاجزًا عن الصمود من تلك الاشجار , تلك هي قصة الحياة بكل فصولها ، الطمع في الانسان. صفة راسخة ويكبر بالاستجابة الي ان يصبح راسخا في صاحبه. وهو الذي يبرر له العدوان علي كل الاخرين ويدفعه اليه وبخاصة عندما يجد الطريق اليه معبدا وميسرا وامنا من اية رقابة او مسؤولية ، ومن طبيعة الانسان انه لا يعتدي علي من هو اقوي منه خوفا منه , ، وانما يعتدي علي الاضعف منه ، كل قوي يطمع في الاضعف منه. ، ويحاول ان يسيطر عليه مستغلا ضعفه وقلة حيلته  ، كانوا في الماضي يستعبدون. المستضعفين. من الافراد والشعوب ،كان المنتصر في الحروب يسترق من انتصر عليه ويستعبده ويستولي علي ارضه ونسائه. وأمواله ويعتبر ذلك حقا مشروعا ، لقد انتهت العبودية كنظام وما زالت مستمرة بصور جديدة اشد خطورة ، وهي الإفقار والاذلال  والاحتلال للسيطرة عليهم ، وكان الاستعمار مرحلة في تاريخ الانسانية وعانى عالمنا العربي منه كثيرا وما زالت تعانى من اثاره ولم يتحرر شعبنا بعد من التبعية ، وقد أكثرت أوروبا من احتلال الكثير من الشعوب والدول والسيطرة علي ثرواتهم ، واليوم ما زالت نفس السياسة كما كانت  ، سياسة الهيمنة والوصاية من بعيد ، وتكليف الأعوان من أنصارهم بالقيام بحمايةًمصالحهم والاكتفاء بقواعد عسكرية للتخويف. واحكام السيطرة علي كل القرارات ، ما زال العالم اليومً كماكان من قبل واشد سوءا  ، ولكن تغيرت الأساليب وابتدع الطغيان صورا جديدة لأحكام سيطرته علي كل المستضعفين من الشعوب ، الطغيان اليوم اشد قسوة مما كان من قبل لانه يملك الاسباب التي يدافع بها عن نفسه ، ليس هذا ما اراده الله من عباده ، ولذلك كانت رسالة الاديان ان تكون هادية ومرشدة وداعية لتحرير الانسان والتخفيف من معاناته وتمكينه من اسباب حياته التي ضمنها الله لكل عباده ، لا احد من خلق الله خارج رعايته ورحمته ، رسالة الدّين هي تحرير الانسان من العبادة لغير الله ودعوته للايمان بالله لا شريك له ، وكل الخلق عباد الله ولو كانوا طغاة الارض بما يملكون من اسباب القوة ويجري عليهم ما يجري علي غيرهم من المرض والموت وبسلط عليهم من الاوبئة ما يخيفهم ويردهم الي حقيقتهم الانسانية ، انهم لا يملكون من امر هم شيئا ، وكان الاسلام هو خاتمة الاديان لانه قاد الانسانية الي التوحيد المطلق وجعل معيار التفاضل عند الله هو العمل الصالح الذي به يكون التفاضل ، وانً الحياة امانة ويحب الحفاظ عليها بكل اسبابها ، وانً الانسان هو  في موطن التكليف الالهي وهو ممتحن بما يختار ،وهو مكلف ان يضع  الأنظمة والقوانين التي تنظم حياته وهي ثمرة جهده ، وهو المؤتمن ان تحترم فيها ثوابت الحقوق كما ارادها الله ، ما كان صالحا فالله يباركه ويجزي به ، وما كان سيئا فالله يحاسب عليه ، وهو اعلم بما يسرون وما يعلنون ، ولا بد من العدالة في توزيع الحقوق والثروات ، ولذلك كان التركيز في الشريعة الاسلامية علي تحقيق تلك العدالة بالكيفية التي تضمن لكل انسان الحق في اسباب الحياة التي ضمنها الله لكل عباده ، القادر يحمل العاجز‏ ، والقوي يساعد الضعيف ، والغني يتكفل بالفقير ، تلك حقوق وثوابت واصول ، يجب ان تحترم. بحيث تحقق مقاصدها المرجوة من غير عبث بها ، في المجتمعات المتخلفة يجب التصدي للجهل بكل اشكاله لكي يتوقف العبث بالمفاهيم , واهمًها مفهوم العدالة التى انحرفت عن العدالة  واصبحت عدالة  فى خدمة  الطغيان في الارض تبرر للطغيان طغيانه وتمنحه صفة الشرعية  والاخلاقية ، وهذا كثير في مجتمع تحكمت فيه الانانية الفردية والجهل بالحياة والاستخفاف بالانسان المستضعف وبكل حقوقه في الكرامة الانسانية , لا بد من التغيير نحو الافضل , والتغيير لا بد  له  من عاصفة خريفية شديدة لكي تمنح الانسانية املا فى ربيع قادم تتفتح فيه الزهور وتبتسم الحياة للانسان المؤتمن على  تلك المسيرة الانسانية  ..

( الزيارات : 497 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *