التراث ورسالة الاجيال

كلمات مضيئة…التراث ورسالة الاجيال..

 حظي التراث العربي الاسلامى باهتمام كبير فى اوساط العلماء الباحثين المختصين بتحقيق ذلك التراث , وارتبط علم  التحقيق بجهد المستشرقين الذى تخصصوا فى جوانب مهمة من ذلك التراث , ولا يمكن لأحد ان ينكر اثر المستشرقين فى خدمة الكثير من المخطوطات العلمية الموجودة فى كثير من مكتبات العالم , مازلت اذكر كتاب تاريخ الادب العربي للمسترق الالمانى كارل بروكلمان المتوفى عام 1956 الذى قدم الى المكتبة العربية اهم كتبه عن المخطوطات العربية الموجودة فى مكتبات العالم وارقامها كما هي , وكنت اتتبع هذا الكتاب واعتمد عليه فى مراحل دراستى  , ثم حاول المحقق التركى الالمانى  الشهير الاستاذ فؤاد سيزكين ان يتابع هذا الجهد العلمي وان يصحح الكثير مما تضمنه كتاب بروكلمان , وكتب كتابه الهام الذى يعتبر اهم كتاب عن المخطوطات فى مكتبات العالم وعنوانه تاريخ التراث العربي فى عدة مجلدات , وعرفت الاستاذ فؤاد سيزكين وهو عضو فى الاكاديمية الملكية المغربية التى تضم ستين شخصية علمية من اهم رموز الفكر والثقافة على مستوى العالم , وزارنى فى منزلى فى الرباط رفقة عدد من اعضاء الاكاديمية,  وكان يحدثنى باستمرار عن المعهد الذى كان يرأسه فى المانيا , لم اكن من اصحاب الاختصاص فى المخطوطات , كان الاستاذ سيزكين من ابرز الباحثين المختصين , وكنت اسمع ثناءا كبيرا عليه من اهل الاختصاص فى التراث  , وهو افضل جهد علمي جاد اسهم فى التعريف بالتراث العربي , كان الاستاذ سيزكين شخصية علمية جادة ومؤمنة باهمية خدمة التراث , وحدثنى عن كثير مما قام به معهده فى المانيا ودعانى لزيارة المعهد ولم اتمكن من ذلك , كانت له قضية واحدة هي التراث ولا شيء اخر , كان لا يعرف الراحة ولا الهدوء , ولا يتحدث بغير العلم وما انصرف اليه , كان قليل التواصل قليل الكلام كثير الانتاج العلمى  , , كان جهده اكثر دقة من جهد المستشرقين الذى اختصوا بالتحقيق والاهتمام بالمخطوطات , وتذكرت جهد الاخ الصديق الدكتور بشار عواد من العراق والمقيم بعمان فى تحقيق النصوص , وهو باحث جاد متمكن غيور على التراث , وحقق الكثير من اهم كتب الحديث وهو صديق عزيز ونحن اعضاء فى المجمع الملكى فى عمان ونجتمع فيه ,  , وكنت اشرت فى كتابى عن الاستشراق النى نشرته منظمة  الايسسكو  الى دور المستشرقين فى خدمة التراث الاسلامى فى مختلف التخصصات والعلوم , ويجب الا ننسى ان دوافع الاستشراق ليست علمية مجردة,  والاستشراق ليس حياديا فى حكمه على التراث الاسلامى , فالاسلام بالنسبة للغرب هو ذلك الاخر الذى يملك تراثا فكريا يستحق الاهتمام والاكتشاف , المستشرقون ليسوا سواء فى مدى الثقة بجهودهم ونزاهتهم , وهناك اهداف ليست ظاهرة باستمرار , فقد تكون هناك رغبة فى اكتشاف الكثير مما يحتاجون اليه عن طبيعة الشعوب الاسلامية وخصائص تلك الشعوب والمذاهب والعقائد والثقافات  , كنت اكبر كل جهد علمى يخدم التراث العربي الاسلامى , تذكرت الصديق علامة المغرب فى التراث والحجة فى معرفة المخطوطات الاستاذ محمد المنونى  ومولاي ابراهيم الكتانى الذى كان مختصا فى المخطوطات الموجودة فى المكتبات المغربية وكان الاستاذ المنونى من ابرز الباحثين المغاربة واكثرهم شهرة ومكانة , كنت اشجع طلابى على دراسة المخطوط العلمى والاهتمام بما تضمنه من معرفة تعبر عن زمانها ودراسة شخصية المؤلف واثر مجتمعه فى فكره , هناك التراث كمخطوطات تستحق الاهتمام وهناك ما تضمنته تلك المخطوطات من علوم , وقد عبرت عن تقديرى للجهد الذى قام به الصديق السيد جمعة الماجد فى انشاء مركز علمى جمع فيه اهم ما استطاع جمعه من كتب التراث من عدد من مكتبات العالم  , وقد اهتم مركزه بترميم كتب التراث , وكان يقدم لمراكز التراث جهازا لترميم المخطوطات العلمية التى تحتاج الى ترميم , تحدثت يوما عن كتب التراث فى الدروس الحسنية امام الملك الحسن الثانى رحمه الله  وقلت يومها , مهمتنا لا ان نكتفى باحياء كتب التراث وانما ان نضيف الجديد اليها من جهد علمائنا لكي نضيف لبنة جديدة الى صرح تراثنا الذى يحتاج الى مواصلة اداء دوره المتجدد , لا بد من اسهام كل الاجيال فى بناء تراثنا ولا يجوز ان يغيب اي جيل عن اغناء هذا التراث , اننى اكبر كل جهد محمود فى خدمة تراثنا , والمسيرة العلمية يجب ان تتواصل لكي تظل الشعلة مضيئة ومستمرة ..

( الزيارات : 656 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *