التقاليد والاعراف

 كلّ جيلٍ مؤتمن على عصره ولا يمكن لجيلٍ سابق أن يدعي أنَّ له وصاية على الجيل اللاحق ، فأبناء الجيل هم أعرف بما يلائم عصرهم من الأعراف والتقاليد ، فيختارون ما يلائمهم من تقاليد السابقين ، ويتركون ما لا يلائمهم ، فقد يختارون أعرافاً أفضل ، وقد يختارون ما هو أسوأ, ويختلف هذا الأمر باختلاف هذا الجيل وثقافته ، والأجيال ليست واحدة في مقدار وعيها ..

والإسلام يشجع كلّ الأعراف والتقاليد التي تعبر عن قيم سامية ومصالح اجتماعية ، ويحرم كلّ التقاليد التي تتناقض مع ثوابته في العقيدة والسلوك والمعاملات ,وما لا يتناقض مع ثوابته متروكٌ أمره للناس ، فهناك ما هو محمودٌ وما هو مذمومٌ ، فالتقاليد التي تعبر عن التكافل الاجتماعي ومناصرة الضعفاء والإحسان إليهم والسلوكيات التي تغذي معاني الوفاء للأبوين واحترام كبار السن والتواصل الاجتماعي فهذاكله من الأعراف المحمودة ، وهناك تقاليد مذمومة كالتفاخر بالمظاهر والتنافس في الإنفاق في الحفلات والمآتم والأعراس والمبالغات في المهور فهذه من التقاليد المذمومة والضارة ، وهناك عادات مذمومة نظراً لآثارها الضارة على الصحة كالتدخين والأركيلة وكلّ ما يضر بالصحة ، وكلّ ما ينفع الصحة والبدن من أنواع الرياضة البدنية فهي محمودٌة, ويجب أن تتجه التقاليد والأعراف نحو الأفضل في تغيير مستمر وتصحيح دائم وتجديد يجعل التقاليد ملائمة للعصر ، وأخطر ما تواجهه الأمة أن تفقد ثقتها بنفسها ، وأن تقلد غيرها فيما هو سيءٌ من العادات والتقاليد التي لا تتناسب مع ثقافتنا ، فالتقليد مذمومٌ على وجه العموم ، والاستفادة من الغير فيما هو صالح من العادات مفيدٌ ومحمودٌ ، والأمة الواعية تحسن اختيار ما يلائمها من تجربة الأمم الأخرى ، وبخاصة في مجال التعليم والتربية والصحة والحكم والعمل واحترام حقوق الإنسان وتنظيم القضاء والرقابة الإدارية ، والإسلام يشجع كلّ ما يحقق مصلحةً عامّةً وينهض بمستوى المجتمع إلى الأفضل ، ولا يحتج بالإسلام لتكريس العادات الضارّة والمذمومة ، وكلّ ما هو ضارٌ مذمومٌ ، وكلّ ما تنكره العقول السليمة فهو مذموم ، والأصل في مهمة العلماء أن يقوموا بدور التصحيح المستمر لعادات المجتمع وتقاليده ، فينكرون ما ينكره الدين والأخلاق من سيء العادات ويشجعون ما يدعو إليه الدين من قيم وسلوكيات الاستقامة والأخلاق الحميدة ، وهذه هي مهمة منابر الجمعة أن تكون منابر للدفاع عن قيم الإسلام ولا يعتلي هذه المنابر إلا من كان مؤهلاً من الناحية العلميّة ومعروفاً باستقامته ونزاهته,ومهمته أن يبين مواقف الدين ، من غير تعصبٍ أو تطرفٍ أو تشددٍ ، وأن يدعو النّاس إلى الخير والفضائل بحكمة وعبارات مشجعة ، وأن يمنحهم الأمل والطمأنينة,, الايمان بالله والعمل الصالح وألا يبرّر باسم الدين انحراف حاكم أو ظلم ظالم ، وأن يقول ما يجمع النَّاس ولا يفرقهم ، وأن يبتعد عن التعصب المذهبي والطائفي ويرفع شعار الإسلام الأصيل , الايمان بالله والعمل الصالح.

( الزيارات : 1٬438 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *